على الرغم من صغر حجم الكتاب بالنظر إلى الموضوع الذي يتناوله .. الا انه نجح في تشخيص العلة و اسباب التخلف و استمرار التدهور الحضاري .. ويقدم وصفة للنهوض. وان كنت شخصيا اعتقد ان محاولات الانعاش الان هي اقرب ما يكون الى اعطاء هيكل عظمي قبلة حياة لاعادته مرة اخرى للدنيا.
يتناول البحث في جزئه الاول الدور الذي يقوم به المثقف الحقيقي في المجتمع .. و كيف ان المثقفين اذا ما اعطوا الصلاحيات المناسبة يستطيعون ان يضيئوا الطريق لامتهم.
يتعرض الكاتب لسيرة المثقفين الأوائل في تاريخ مصر الحديث ..بدءا من رفاعة الطهطاوي و محمد عبده وعبدالله النديم حتى طه حسين وبعض ممن جاء بعده. و كيف انهم حملوا مشاعل النور في فتره حالكة الظلام من تاريخ مصر ليجددوا الفكر و ياخذوا بيد المجتمع نحو نهضة حقيقية .. الا ان هذه الجهود انتكست حيث ان الحكام بعد محمد علي رأوا ان الشعب الجاهل هو اسلس في الانقياد .. ولتذهب النهضة الى الجحيم.. او كما قال الخديو المقبور توفيق على الشعب : لقد ورثت هذه الارض عن أجدادنا و ما انتم الاعبيد احساننا..
بعد ان بزغ بعض المجددين و المثقفين وكنا قد بدانا السير باتجاه المدنية .. نكصنا على اعقابنا بعد ان تم تهميش دور المثقف و العمل على تجارة الجهل .. يوما بعد يوم اصبحنا ابعد عن المبادئ التي كان ينادى بها في القرن التاسع عشر. اصبح المجتمع اقرب الى المجتمع البدائي الذي يلجا للساحر او الكاهن ليسقط المطر او ليشفى الحيوانات. تم تهميش المثقف و العالم .. و سمح فقط لحاملي الطبول بتصدر المشهد ..فطالما ظل الجهل مستشريا فهذا انفع للاستقرار . حتى وان كان في الحضيض. مما افسح المجال لانتشار افكار الاخوان و اشباههم في ظل عدم وجود مقاومة من الفكر المستنير المدني
زاد هذا الكتاب من تشاؤمي بشان مستقبلنا.. اننا كل يوم نتجه اكثر الى قاع هاوية.. لا قرار لها