ترددت كثيرا قبل أن أكتب مراجعة لهذه الرواية، رغم أنها تستحق بالتأكيد فهى من أمتع ما قرأت العام الماضى، و أنا لا أتعامل مع كتابات الدكتور أحمد خالد توفيق على أنه أدب أطفال، و بالذات هذه السلسلة فأنا مرتبط بها عاطفيا منذ إشتريت العدد الأول منها فى معرض الكتاب سنة 1993 و لم أفوت منها عددا حتى اليوم، و لكن مبعث ترددى كانت مقارنة واجبة بين هذه الرواية و روايتى تامر إبراهيم "صانع الظلام" و "الليلة الثالثة و العشرون"، و هو أحد تلامذة د. أحمد خالد توفيق و قد قام بنفسه بكتابة تقديم روايته صانع الظلام.
ما إستوجب المقارنة هنا أن الفكرة فى العملين واحدة تقريبا، و هى فكرة "الشىء" الذى هو مصدر الشر عبر تاريخ البشرية، مع إختلاف طبيعة هذا "الشىء" و طريقة المعالجة عند كلا المؤلفين، إلا أن كلاهما يأخذنا فى رحلة عبر الزمن ليبين لنا كيف كان هذا "الشىء" مصدر الشرور الكبرى فى كل الأوقات الحالكة التى مرت بها البشرية، و هنا يظهر التساؤل من أخذ الفكرة من الثانى؟
المنطق يقول أن د. أحمد هو الذى تأثر بفكرة تامر إبراهيم الذى نشر روايته فى 2012 و التى قام د. أحمد بكتابة التقديم لها بما يعنى أنه قرأها قبل النشر، و هو ما يثير التساؤل الآخر حول مدى مشروعية هذا الفعل أدبيا.
أما بغض النظر عن هذه النقطة الخلافية، فالمفارنة تصب فى صالح د. أحمد بكل تأكيد، سواء على مستوى جودة الأسلوب أو إتقان الحبكة الدرامية فهو متفوق فيهما على تامر إبراهيم بمراحل، حيث أننى شعرت أن د. أحمد وصل لقمة النضج فى أسطورة حامل الضياء، فخرجت عملا فى قمة الإمتاع، بخلاف رواية تامر إبراهيم بجزئيها التى أراها عملا متوسط المستوى،.
المفارقة هنا أن روايتى د. أحمد يباعان بثمن عشرة جنيهات و لا يتم الإلتفات لهما نقديا نظرا لإعتبارهما "قصص أطفال"، بينما تباع روايتى تامر إبراهيم بسبعين جنيها و يتم الإحتفاء بهما نقديا لمجرد إختلاف الطباعة !
هذه المفارقة الظالمة هى التى تجعلنى مؤيدا -رغم حزنى شديد- لقرار د. أحمد بإنهاء سلسلة ما وراء الطبيعة ليتفرغ لإصدار الكتب "الجادة" أو التى يتم التعامل معها كذلك من قبل الناشرين و النقاد كى ينال قدره الذى يستحق ماديا و أدبيا.
و ها نحن فى إنتظار العدد الأخير من هذه السلسلة الرائعة فى معرض الكتاب القادم لنختم به رحلة إمتدت لواحد و عشرين سنة كان فيها د. رفعت إسماعيل خير رفيق، جزاه الله عنا خير الجزاء !