مجموعة من المقالات تحتاج كلا منها لمراجعة مستقلة لاهميتها و يظهر بها المجهود الكبير المبذول من د. زيدان و لكن قبل قراءة المقالات يجب الانتباه لما يلي:
1- المقالات مترابطة , متراكبة , يكمل بعضها بعض.
2- المقالات هي جهد فكري بشري وتصورات مبنية على أسس تاريخية فهي ليست حقائق تاريخية غير قابلة للشك لذا يجب التعامل معها على اساس الشك وليس اليقين.
3- الفكرة الاساسية بكل المقالات هي الدعوه لاعادة دراسة التاريخ, و اعادة دراسة طرق نقل التاريخ لنا بدون التشبت بامجاد ولت ونسيان الهم الحالي و كذلك التحقق مما ينقل الينا مهما كان المصدر.
4- قد نختلف ببعض الافكار و الاخبار المذكورة في المقالات و لكن سنتفق على الفكرة الاساسية " التحقق من الخبر التاريخي" .
5- الجهد المبذول في كتابة المقالات يشكر عليها د. يوسف زيدان .
مراجعة الفصول
الفصل الاولى : اوهام المصريين
افكار عديدة و مثيرة للجدل ترجعنا للتفكير في بعض المسلمات لدينا , والاشارة لمصطلحات نستعملها دائما بدون الرجوع لاصولها .
هل بلادنا مستهدفة ؟؟ ام هي محروسة ؟؟
وهل عين جالوت نصر معجز ام كانت نتيجة اكيدة ؟؟
وهل صلاح الدين وحد الشام و مصر ام تمرد على نور الدين زنكي ؟؟
افكار كثيرة لا توافق كثير مما نعرف و لا نسلم بصحتها ولكنها تفتح باب التفكير و السؤال .
الفصل الثاني : الخرافات المرتبطة بفتح مصر
تتبع الكاتب أخبار فتح المسلمبن لمصر وذكر الكثير من القصص بدون سند او تحديد للمصدر تشير كلها بأن فتح مصر تم حسب الاتفاق و حسب خيانة المقوقس " حاكم مصر " لهرقل وأن فتح مصر تم بالتعاون بين المصريين العرب و المسلمين .
افضل ما في السباعية المعلومات التاريخية عن تطور المسيحية و انشقاقات الكنائس و اثرها على فتح مصر .
الفكرة الاساسية
اراد الكاتب ايصال فكرة محددة و هي عدم يقين الخبر التاريخي و يجب اعمال العقل و ليس فقد السند لتحرى اي خبر تاريخي . كما قال ابن النفيس :"وأما الأخبار التي بأيدينا الان , فإنما نتبع فيها غالب الظن , لا العلم المحقق".
الفصل الثالث : بهتان البهتان فيما توهمه المطران " عن أزمة رواية عزازيل"
اكثر من 40 صفحة تدور حول نفس النقطة و هي هجوم المطران " الامبا بيشوى" على رواية عزازيل .
بصراحة شديدة انا غير مهتم بعلاقة و تطور العلاقة بين زيدان و المطران و غير مهتم بطريقة تكون الصداقة بينهم او اسباب العداوة بينهم , لا علاقة لي بذلك, اشتريت الكتاب لاستفيد من معلومات يوسف زيدان و لم اشتره لاعرف ما كان رأي المطران بعزازيل .
اطالة و تكرار بشكل كبير بعض المعلومات تكررت ثلاث مرات مثل عدد مرات طباعة الرواية .
اسلوب الكتابة مستفز في هذا الفصل, كان زيدان يخاطب المطران, و القارئ " نحن " ضيوف بينهم .
ربما تكون الفكرة المراد ايصالها لنا هي عدم اصدار الاحكام بدون التحقق ولكن الطريقة لم تكن موفقة . " بالنسبة لي على الاقل".
الفصل الرابع : أسرار الخلاف و أهوال الاختلاف
يبحث الدكتور زيدان في هذا الفصل عن اسباب الخلاف و الاختلاف خصوصا في المجتمع المصري و يناقشه و يحلل اسبابه.
يناقش د. زيدان في هذا الفصل مسائل شائكة مثل الجزية و القبطية و الفرقة الناجية و المتأسلمون و المتأقطبون و الجهاد و يطرح تصورات جديدة لها و الاهم انها لا تخص ديانة واحدة بل هي مشتركة بين الديانات السماوية الثلاث فلا الجهاد مفهوم أسلامي و لا القطبية مفهوم مسيحي .
الفكرة الاساسية : تبيان أسرار الخلاف بين أهل القبلة و أهل الصليب , و تبيان ان هذه الاسباب ليست دينية او تاريخية و لكن هي المصالح الشخصية لبعض الاشخاص .
كالعادة يدهشنى د. زيدان بكم المعلومات و غزارتها بصفحات قليلة .
لم يعجبني في هذا الفصل الردود على بعض الاشخاص فهذا كتاب و ليست مقالة , فكرة استعمال كتاب للرد على اشخاص فيها تقليل من شأن القارئ و تقليل من قيمة الكتاب و شهرة للمردود عليه.
الفصل الخامس : التاريخ المطوي في لفائف البردي
هل نعرف تاريخنا وهل ما ذكره المؤرخون كله صحيح ؟
هل العلاقة بين مسلمي و مسيحي مصر كانت سيئة منذ البداية ؟
هل تاريخنا منفصل عن واقعنا الذي نعيشه هذه الايام ؟
هذه الاسئلة و غيرها طرحها د. زيدان في هذا الفصل ليوصل لفكرة واضحة و محددة و هي وجوب فهم التاريخ بشكل صحيح و من مصادر صحيحة و لفائف البردي هي احدى اشكال او طرق نقل التاريخ الذي تساعدنا على فهم تاريخنا بشكل افضل .
لفائف البردي تعكس الواقع في تلك الفترة بدون تدخل من مؤرخ متعصب او حاكم يريد تشويه من سبقه او صاحب هوى يرى الباقيين على ضلالة , لذا هي شكل اصيل من اشكال التاريخ المنقول لنا.
الفكرة الاساسية : افهموا التاريخ
الفصل السادس : الوهم الأندلسي
يمكن اختصار ما أراد د. زيدان إيصاله لنا في هذا الفصل بكلمات محمود درويش:
قصب هياكلنا, و عروشنا قصب
في كل مئذنة حاو, و مغتصب
يدعو لأندلس,
إن حوصرت حلب .
"من قصيدة مديح الظل العالي"
ضاعت الاندلس قبل اكثر من خمسمائة سنة و ما زلنا نبكي عليها و يفوتنا الانتباه الى ما يضيع الان من بين ايدينا" فلسطين, العراق, اليمن, ليبيا, سوريا و مصر". نحلم باسترجاع الفردوس الاندلسي المفقود و ننسى الجحيم العربي الموجود.
يبين لنا د. زيدان ان الاندلس لم تكن طوال حكم الملسمين لها و قبل ذلك زمن الفتح يبين لنا انها لم تكن طوال تلك المدة الفردوس الموعود وذلك بذكر مصائر الفاتحين و اعمال الحاكمين , أما الفاتحين فكانت نهاية موسى بن نصير الإذلال و مات "شحاذ" في قرية بالحجاز ! و ابنه عبدالعزيز قتل وكان مصير طارق بن زياد الاهمال و التهميش و الازاحة عن المشهد. و أما الحكام فلقب عبدالرحمن الداخل بالسفاح الثاني و حفيده الحكم قتل مئات الالاف في معركة واحدة !! لذا فأن تاريخ الاندلس لم يكن ناصع البياض.
ولا ينكر د. زيدان أنه بعد الاستقرار و توقف القتل ظهرت البدائع الاندلسية من حضارة و عمارة و علوم و معارف و ترجمة و طب و أدب و فلسفة و يذكر تأثير كل ذلك بتطوير الحضارة الأوروبية .
معلومات قيمة عن الاندلس و التشابة بين العرب و الاسبان و معلومات قيمة عن تسلسل الفتوحات الاسلامية من مصر الى الاندلس.
الاشارة المهمة بنهاية الفصل بأن ضياع الاندلس كان بتوحد الاسبان و تفتت العرب و ان الاستعانة بالعدو تكون بداية النهاية .