لست من دراويش الرجل ولا مريديه ، ولا أدعي وصلاً بخفايا الأدب العرفاني ولست املك المدركات الروحية التي تمكنني من الاحاطة بلطائفه الروحانية .
كما انني لم اكن يوما من المبهورين بالعالم الصوفي ولكنها جاذبية الكلام العذب الرقيق التي تدفعني من حين الى آخر الى القاء نظرة من بعيد على ذلك الادب ، فكان هذه المرة الكتاب الرابع من المثنوي هو موقع النظرة وقد قمت باختياره بشكل عشوائي من بين الدفاتر الستة .
مع كل اقتراب من كتابات القوم ينتابني شعور بتناقص جاذبية عالمهم فلم تدفعني قراءة محي الدين بن عربي او الحلاج الى التعمق اكثر في أدبهم ، وهذا ما ينطبق على المثنوي فليس لدي رغبة اكيدة للعودة الى قراءة الدفاتر المتبقية ولا أدري ان كان هذا الشعور مؤقت ام دائم ؟! ( على ما يبدو ان هناك علاقة طردية بين غموض العوالم الصوفية وجاذبيتها ) .
ينقل الرومي افكاره الى قارئيه على احتلاف مستوياتهم مستخدما الواقع اليومي المعاش وهذا ما يجعل بعض الامثلة المطروحة بسيطة وبديهية .
يقدم الرومي المثنوي ككتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه او من خلفه ، وانه ليس بمجرد ان قرأته تكون قد فهمته وأدركته ، فهذا الفهم والادراك لا يتأتى بالمجان ، فحسب الرومي لا بد من جهاد واستحقاق وقابلية وصقل لمرآة القلب وجلاء وانصراف عن الهوى لتنال الفهم والادراك .
وحيث انني لست من دراويش الرجل ولا مريديه ولتكون النظرة اكثر موضوعية فعلى المرء أن يستعير عيني أحد هؤلاء المريدين والدراويش ليجد ان المعاني التي يريد الرومي التعبير عنها والمتعلقة بالعشق الالهي هي فوق الألفاظ والكلمات والحروف المتاحة له فتغدو الجمل والعبارات مضطربة تعكس مدى عمق الأسرار التي تغلي داخله والتي لا يمكنه كتمانها .
يقول الرومي " اجمع شتات نفسك ، حتى استطيع ان انقل اليك كل ما لدي ! "
ايه يا مولانا !!..اجمع شتات نفسي ؟؟!! .اسأل المُستطاع ايها الصدر الأجل !! اسأل المُستطاع!!