رائعة ! ..
هذا أقل ما توصف به حقاً .. تجربة فريدة من نوعها ..
المرة الأولى التي أقرأ فيها شيئاً من المسرحي الشعري ..
والأولى أيضاً مع أعمال صلاح عبد الصبور الذي إستطاع ببراعة وبلغة فريدة من نوعها أن يرسم عالم هذه المسرحية الصغيرة حجماً والكبيرة جداً في مشاهدها ومعانيها .
مسرحية تصلح لكل زمان ومكان بكل شخصياتها .. كلماتها .. وتعبيراتها بمدلولاتها المختلفة ..
فلا تجد سوى أن تقف مشدوهاً أمام جمالها ..!
هناك بعض النقاط او الأفكار التي خطرت على بالي وأنا أقرأها ..
ربما أفكار غير منظمة أو واضحة ولكن أسجلها هنا لأعود إليها بعد فترة عندما أُكمل بحثي عن بعض الأمور :
أولاً : لن أتحدث عن الجانب التاريخي بخصوص شخصية الحلاج لان معلوماتي قليلة وأحتاج إلى بعض البحث والقراءة قبل أن أتحدث عنه.
ثانياً : أن تقرأ المسرحية شئ .. وأن تسمعها شيئاً أخر .. وأن تقرأها وأنت تستمع إليها فهذه متعة وتجربة مختلفة تماماً تجعلك تحيا الأحداث وخصوصاً أن يكون التسجيل بهذه الروعة والقوة والتي نفتقدها بشده الأن .
****
ثالثاً : كانت النسخة الإلكترونية التي قرأت منها المسرحية ينقصها الكثير من الصفحات للأسف والتي عالجها وجود التسجيل الصوتي .
رابعاً : عندما كنت أقرأ الجزء الخاص بالحوار بين "الحلاج" و "الشبلي" لا أدري لماذا تذكرت حوارات "جلال الدين الرومي" و "شمس التبريزي"
وبدأت لا إرادياً أقارن بين شمس والحلاج .. ليست مقارنة بالشكل المتعارف عليه بالطبع ولا مقارنة بتاريخ او شخصية كلاً منهم
ولكن لفت نظري نقطة معينة
موقف الناس او موقف الحاقدين من كل من شمس التبريزي والحلاج
فنجد عدم الفهم لمقاصدهم من العبارات التي يقولونها أحياناً فيتم تأويلها بشكل خطأ لتصل بإتهامهم بالكفر ..
فنجد مثلاً قولاً الحلاج لصاحبيه في السجن :
" إني أتطلع أن أحي الموتى"
المعنى الحرفي للجملة يُفهم بشكل خاطئ تماماً خاصةً في ظل الموقف الدائر عنه
في حين ان المعنى المقصود مختلف تماماً عندما شرحه بعد ذلك
وهذا ما نجده أيضاً في مواقف شمس التبريزي وعدم فهم الكثيرين له وعدم محاولته توصيل المعنى الصحيح لهم !!
هذا يجعلنا نتساءل .. أين المشكلة ؟
لماذا لا يفهمهم الناس ؟
هل لان الناس يفهمون المعنى الحرفي وبالتالي يصلون لنتائج خاطئة ؟
هل بسبب غموض المعاني واستخدامهم (شمس والحلاج) كلاماً يحمل معنيين وضعهم في مأزق وأوجد لأعدائهم سبيلاً للتخلص منهم بسهولة ؟
لا أدري حقاً ..!!
خامساً : على الرغم من حبي لكل أجزاء المسرحية بلا استثناءات ولكني أحببت أكثر الجزء الخاص بالمحاكمة
حكم مُسبق بإشراف السلطة !!
حتى صوت الحق لم يستطيع المقاومة طويلاً
وقفت امام هذه المحاكمة طويلاً في كل حرف فيها وما يمثله عن الواقع وما يدور حولنا
واقعية مؤلمة لأبعد حد .. مابين ظلم السلطة .. وفساد القضاة .. وأصوات الحق التي تُهدم قبل أن تبدأ
عن عامة يُقادون لما تريده السلطة .. وغياب العدل بكل أشكاله
"نحن قضاة لا جلادون . ما نصنعه أن نجدل مشنقة من أحكام الشرع والسياف يشد الحبل"
إنها ليست مأساة الحلاج وحده . لكنها مأساة كل العصور .. والتي يثبتها التاريخ والواقع في كل لحظة .. فإلى متى ؟؟؟!!!