مامعنى أن تكون نكرة؟ مامعنى أن تشعر بأنك لاشئ؟ ما معنى أن تكون لاشئ؟ مامعنى أن تتحول لحشرة، وكأنك لاشئ؟
هذه الرواية سوداوية كمجمل روايات الراحل فرانز كافكا، رواية تندرج ضمن المذهب العبثي في الأدب، في ثيمتها تذكرني بالغريب لألبير كامو، بالرغم من أن أنها اشد غرابة! التحول تندرج من الروايات التي تخرج عن الإطار العام للرواية، العبث، الا إهتمام، الا عقلانية، الغرابة، وغيرها من الأحاسيس التي يدرجها الكاتب من غير هدف واضح، من غير بُعد أخلاقي، ثقافي، فكري، ينشأه الكاتب للتأثير على القارئ، بالرغم ماتحتوية من بعد فلسفي عدمي يشبع القلوب السوداء، وتؤثر في من يرونها بنظرة خاصة.
التحول فجأة لشخص بلا فائدة شئٌ مرعب، الإنتقال إلى إنسانٍ نكرة بلا أي نفع بعد ما كُنت شيئاً تَصبحُ فقط "لاشئ" تَصبحُ فجأة عبءً على من كُنت تعيل وترعى، أن تصبح لاشئ بالنسبة للأشخاص الذين كُنت دائماً تتمنى فقط راحتهم، يَنقلبوا عليك لتغيّرك، تتحول المحبة مع التحول لتصبح أشد أنواع البغض، للكراهية...هذا ماحدث لغريغور سامسا.
هذا العمل يفتح الكثير من علامات الإستفهام حولَ الكَاتب نفسه وليس الكِتاب، يجعلك تتسآئل عن ماهية كافكا، كيف كان، وكيف أصبح، وكيف يُفكر، وماذا يهدف؟ هذا التحول هو بالطبع ليس تحوّلاً فيسيولوجياً فقط، هو تحول وجودي، تحول في النظرات، تحول في موقعه من كُل شئ، حتى نفسه!
هذا العمل لديه فلسفة خاصة، في ماهية الإنسانِ نفسه، أي ماهو الإنسان؟ ماهو كي يصل لدرجة التحول لحشرة! عميقة رغم غرابتها، تركها فرانز كافكا هكذا لكي يؤولها كُل من يقرأها بطريقتهِ الخاصة، ويَخرج كُل شخصٍ بما يقدِر منها.
.
" عندما استيقظ غريغور سامسا من نومه ذات صباح عقب أحلام مضطربة، وجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة. كان مستلقياً على ظهره المدرع القاسي، وعندما رفع رأسه قليلاً رأى بطنه المقوّس البني اللون مُجزأً إلى فصوص مقوّسه قاسية، وغطاء السرير المقلقل عند ذروة البطن يكاد ينزلق كلياً. وكانت أرجله المتعدده رفيعة على نحو بائس، مقارنة بحجم جسمه، وترتعش أمام ناظريه بعجز ."