التحول هي الرواية التي اشتهرت مقدمتها جداً؛ لدرجة أن الأكثر ربما اقتناها للمقدمة التي تحدث عنها الروائيون والأدباء كثيراً، العنوان ربما يأتي لاحقاً؛ لكنها حقاً فكرة فريدة من حيث رمزيتها، ومقدمتها منذ المقطع الأول، وطريقة سردها ذات النكهة الخاصة بكافكا.
سوداوية؟ أجل؛ لكنها تمسك بزمامك لتجعلك تعيش كواحد من أفراد عائلة سامسا؛ ترقبه وهو يحاول أن ينزل من سريره بعدما تحول لحشرة، لا يستطيع إلا بعد محاولات أضحت كمعجزة. تلج من ثم لما يشتعل في داخله، لا يحب العمل بالقدر الذي يحب أن يؤمِّن عائلته من الحاجة والعوز، يصارع الحياة والعمر، يتغلب على شيء غير طاغٍ من طبيعته الفطرية وهواه الذي يدفعه عن نفسه. حين يقع في ذلك المأزق الغريب المريب المقزز، لا أحد يقف معه كما يجب، شقيقته في البداية؛ لكنها تتحول تدريجياً بأثرٍ من الأب، الأم تحبه أكثر منهما ولا تستطيع رغم ذلك أن تكون في مقدمة من يعينه.
عندما لا تكون صالحاً لأن تقدم ما يشفع لك بالبقاء، فمن الأفضل حسب الظروف المنفعية الصادمة في الحياة ألا تبقى. هكذا أضحى سامسا عند أهله بعدما كان العائل الوحيد، صار عالةً عليهم، لا يشرفهم وجوده على هذه الحالة التي لا يقتصر فيها عدم نفعه عليهم بل على نفسه هو أيضاً.
يتحدث كافكا عن طبيعة أو خصلة خبيثة في البشر، الجحود النكران، يفصلها بطريقة آسرة، ثم يؤكد في النهاية على أن طبيعة الناس في مثل ذلك كالحياة تستمر وتمضي قدماً دون أن تأبه، أو يوقفها أي شيء.