بدايةً.. لم أفهم إن كانت القصة تتحدث عن الشخصيات، أم عن الأحداث السياسية، أم عن تاريخ أفعانستان، أم عن الأوضاع الإنسانية الصعبة ، لأنه لم يتم التركيز بشكل واضح على أي منها .
ففي الشخصيات: كانت تمر السنوات دون متابعة لتطورات كل شخصية.
وفي السياسة: لم يشرح إلا باقتضاب وبشكل بسيط عن أهم الشخصيات السياسية والأحداث الكبرى .
وفي التاريخ: تحدث ،ولكن أيضاً بشكل سريع، وبجملتين بين كل بضعة فقرات .
والوضع الانساني المزري: كان الطاغي على الأحداث وفي خلفيتها، ولكن ليس بشكل كاف.
فلذلك أحسست مع تطور الأحداث بأن هدف القصة غير مفهوم ولا واضح.
أحسست في نبرة كلامه وتصاعد حدته بأن المؤلف يكره جميع المظاهر الإسلامية ، فقد مدح في الشيوعية وفي الغزو الأمريكي لأفغانستان، وجعلهما سبباً في تقدم ورقيّ أفغانستان، وأهم عامل مساعد على إعادة الإعمار وإرجاع السعادة للشعب المقهور!!
جاعلا فترة حكم الإسلاميين بينهما فترة تخلف وخراب تامّين للبلاد، دون نظر لا إلى محاسن هذا ولا مساوئ هؤلاء.
ليس هذا دفاعاً مني عن تلك الأنظمة "المتأسلمة" على الإطلاق ، ولكن فقط كرهاً لتحيّز وجدته من قبل الكاتب ، حيث لم يرى من الجحيمات الثلاث هذه إلا ما أراد هو أن يراه ، متجاهلاً كل ما عداه ، أو لأن مجال عمله بينهم يتطلب ذلك التحيز..
أكثرَ من مقاطع الضرب والإهانات من رشيد لزوجاته ، وهذا ما لم أحبذه أبداً. فعندما تكون كاتباً عالمياً ويقرأ العالم بلغاته كلها ما تكتب عن بلدك الذي لا يعلمون عنه شيئاً ، فيجدر ألا تركز على أكثر الجوانب سلبية وقتامة في مجتمعك، فعندما يقرأ قارئ ألماني مثلا عن ضرب النساء والإهانات وعدم الاحترام ، وتجبّر الرجال وظلمهم ، والكره بين الناس، سوف يعمم ما قرأه على كل المجتمع الذي قرأ عنه، ولن يكون ذلك خطأه ، بل خطأ من ترك كل شيء وركز على هذا .
وهذا يحدث في العالم العربي كثيراً، بخاصة في المجال الفني ، ولنأخذ مثالاً بسيطاً وقريباً والذي هو سوريا، فالذي يرى الأعمال "الفنية " السورية التي تعرض كل عام بفسقها وفحشها، سوف يظن بأن المجتمع السوري كله كذلك ، دون أن يشعر بأن من كتب هذا العمل كان قصده التركيز على تلك الجوانب والقصص القليلة الحدوث، ولا بأن الساقطين الذين يمثلون أحداثها لا يتعدون أن يكونوا أقلية قليلة في صفوف مجتمعنا. ولن يكون ذنب "غير السوري" إذا أساء الظن بهذا المجتمع لدى رؤيته لذلك.
ولهذا أزعجتني جداً مشاهد العنف غير المبرر ، والضرب غير الواقعي و المبالغ به بشكل هائل في الرواية .
وأيضاً أزعجني تطرّقه لقضية ارتداء المرأة البرقع ، فقد أظهر لنا ضمنياً، بأن كل من يرتدينه هن من الطبقة السفلى المتخلفة في المجتمع ، وأن كل امرأة تجبر بالقوة على ارتداءه ولو واتتها الفرصة لخلعته فوراً !! وهذا أيضاً خطأ كبير .
أضيف أيضاً عرضه لمشاهد تسويقية لا داع لها ولا دور ، ودفاعه عن قصة حب محرم وتبريره لها وإغراقها بالشفقة والرثاء لحال المخطأَين ،فهذه لا تناسب مجتمعاتنا إطلاقاً ، بل وكأنها وضعت بقصد "التعويد" على وجودها وطبيعيتها .
ولكن.. لأول مرة في حياتي تعجبني نهاية سعيدة لقصة.
فكل هذه المعاناة والظلم والأذى التي تعرضت لها ليلى، كان يفترض منطقياً أن ينتهي بنهاية ترضيها، وهو ما حصل وأعجبني.
أعجبتني أيضاً نهاية مريم رغم إيلامها، مريم المعطاءة الصابرة، ضحت بحياتها وسعادتها في سبيل أن تحيا ليلى -شريكتها في المأساة- بعد سنين من موتها على قيد الحياة .
أحزان وآلام وفراق وفقدان وأحبة ووطن ومستقبل وحياة، تدفعك المآسي لقراءة المزيد سعياً لأن تصل إلى نهاية للأحزان والأوجاع ، وستصل..
تقييمي بنجمتين يعني : لا بأس بها.
نقاط جيدة وأخرى غير ذلك وجدتها في الرواية، ولكن بشكل عام كانت دون مستوى مؤلفات الحسيني الأخرى ، خيبت أملي بعد أن رفعت سقف توقعاتي بشكل كبير.