أسلوب عز الدين شكري فشير في الروايات إكتشفت أنه ممكن يكون أسلوبي المفضل في الروايات، إكتشفت ده بعد قرائتي لـ "غرفة العناية المركزة" ودلوقتي عناق عند جسر بروكلين.
أسلوبه مميز للغاية، فالشخصيات رغم تباعدها وإختلافها إلا أنها مرتبطة، وليس عيد ميلاد سلمى أو معرفتهم بدرويش هي ما يجمعهم، بل هو الإغتراب ووجهات نظرهم المختلفة تجاهه. هناك من يستمتع بتلك الغربة ويرى الحياة في أمريكا هي ما كان يحلم بهو هناك من يراها العكس.
جزء من المتعة في هذه الرواية يكمن في التفاصيل الصغيرة التي يتم ذكرها في قصة أحدهم، لتكتشف بعد ذلك المغزى منها ومعناها في قصة شخصية أخرى. القصص تبدو وكأنها مبتورة ولكن هذا يحقق عنصر جذب الإنتباه فيجعلك راغباً في قراءة المزيد. رغبت برؤية المزيد من درويش ولكن من الواضح أن قصة ماريك ولقمان تم إختيارها لتصبح محور الرواية أو أهم أجزائها، خاصة بعد إقتباس عنوان الرواية من لقائهم. كما أنني رغبت بمعرفة المزيد عن ليلى، تلك المرأة الغامضة التي لم يعرفها أحد حقاً.
قد لا يكون العنوان مناسباً بعض الشئ للتحدث عن رواية ثيمتها الأساسية الإغتراب، وخاصة ذلك الإغتراب النفسي. الإغتراب النفسي يستطيع البعض التكيف معه والبعض الأخر لا. بالطبع يتم التعرض في الرواية لمشاكل أخرى تواجهها الأقليات عامة هناك، والمصريين والعرب خاصة، مثل الاضطهاد جراء اللون أو اللهجة أو الدين. وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتأثير ذلك، بطريقة غير مباشرة، على رؤية العرب لأنفسهم في ضوء تلك الظروف.
ينجح فشير في رسم شخصيات تصلح كل منها لأن تصبح شخصية محورية في رواية مستقلة بذاتها. كما أن النص ينفي الفكرة “الوردية تماماً” عن الغرب في بعض المواضع، فيظهر عيوبه بجانب مميزاته. ولكن رغم ذلك تميل الكفة إلى الغرب، فها هو على سبيل المثال داوود المتشدد يعترف بأهمية الاستفادة من الغرب رغم كرهه الشديد لهم، ودرويش يدرك أنه لا مفر من النجاح في الغرب، لأنك لن تجد التقدير أو النجاح الذي تطمح له في وطنك العربي، خاصة إذا كان مصر. يتضح كذلك فهم فشير الشديد لحياة المغتربين العرب وخاصة المصريين في أمريكا، فهناك من هو مرحب بتلك الغربة، من يراها شئ لا مفر منه، وهناك من يحاول الهروب منها بأي ثمن.
كتبت عنها أكثر هنا:
****
لقيت الريفيو اللي في دماغي طويل شوية فحولته لمقال. :)