البيت الأندلسي رواية جميلة بحق، جمال العبارات وعمقها الفلسفي والحكمة والتشبيهات البديعة وطريقة السرد التي تطرحك تارة في فصل من حكاية الأجداد ثم تنقلك تاليا ليوم من كفاح الأحفاد، ومن ثم تشدك مرة أخرى للماضي وللحاضر معا، في حكاية عمرها خمسة قرون هو ما يعطي هذه الرواية ألقاً ويشدك إليها بقوة.
البيت الأندلسي حكاية إرث خلقه الأجداد وأورثوا همه الثقيل جيلا بعد جيل، معارك شد وكد ومد وجزر أنهتها آلة العولمة القاتلة.
منها أقتبس بعض العبارات التي أعجبتني:
- الناس يتساون أمام الموت على الأقل.
- اتركوا الشهداء ينامون قليلا، لقد تعبوا في حياتهم وفي موتهم.
- هناك خيانات يسكت عنها التاريخ لأنها تحرجه ، وعندما يتذكرها يكون كل شيء قد رتب ولفته استحالة التغيير.
- هل تظن أننا ندخل ديناً آخر بالقوة؟ لا، وحتى لو تظاهرنا بعكس ذلك. الدين خيار عميق وغامض. نتخبأ وراء دين فرض علينا خوفا، وأول ما تطل سفننا في الأفق، ننسى كل شيء ونهب نحوها ويستيقظ ديننا الأول فينا.
إلا أن لي تحفّظا واحدا على هذه الرواية وهو رأيي الخاص بالنهاية:
أن لم أحب ما لجأ إليه الكاتب من إغراق الشخصيات في المعاناة، وخاصة شخصيات الأجداد المهجّرين من الأندلس وهذا ما اختارته رضوى عاشور أيضا في كتابها ثلاثية غرناطة. يفترض الكاتب أن الشخصيات ناقمة على الله فيما اختار لها من قدر وتلعن موسى بن نصير وطارق بن زياد لعبورهما البحر، بعض الشخصيات ماتت وهي تحنّ وتفكر بالماضي والبعض اختار الانتحار.
أما أنا فاعتقد ان الانسان المؤمن هو أقرب لله عند المحنة وهو أكثر تقبلا لقدره، ونحن في النهاية نتحدث عن مسلمين مؤمنين بالله، واليأس ليس للمؤمن (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، كما أن الانسان بطبيعته يجيد النسيان والتأقلم عبر السنين. ولا أظن أبدا أن أجدادنا الأندلسيين عاشوا عمرهم هكذا مكتئبين بائسين! وأورثوا هذا البؤس جيلا بعد جيل!