لن أتحدث عن الخطوط الحمراء التي قُطعت ولا عن المقدسات التي اُنتهكت، ولا عن القصة بحدث ذاتها، فعلوان يستطيع أن يخفف من حدة الغضب والغيظ ويضع نوع من الغشاوة على العينين بلغته التي تغفر له الكثير .. .. بالتأكيد " صوفيا" ليست بأحسن ما كتب علوان، ولكن بين ثنايا قصتة وجدت ما شدني وهذا ما سأتحدث عنه
سأتحدث عن الحالة الغريبة "معتز" الشخصية السوبر مَلولة، وكانت الصفحات التي وصف فيها نفسه هي متعتي الوحيدة أثناء القراءة .. .. غريب هذا المعتز ول(ت/ي)درك قارئة/قارئ هذه السطور مقدار هذه الغرابة أقول أنه استمتع بوفاة والدية ليس لأنه يكرهما بل لينشغل برصد التغيير في وجوه ونفوس أقاربه التي استمرت لأيام شغلته وأبعدت عنه شبح الملل. وأنه يحن لمراهقته بشدة لكثره التغيرات التي حدث له نفسياً وجسدياً ولم تترك له وقت للرتابة والملل لأنه مشغول برصدها. وأنه يرتكب مخالفات ليقضي يومين بالسجن للتغيير وأنه وأنه ...... وصف نفسه كثيراً وهذه بعض المقاطع:-
(لست غريب الأطوار، ولكن عقلي يشبه رقعة الشطرنج، يجب أن يأتي كل مربعين متجاورين بلونين مختلفين، وإلا لكانت رقعة شطرنج خاطئة إذا! إن أي صورتين متشابهتين تتجاوران في عقلي تحدثان عندي توتراً وكآبة، لا شيء يجب أن يتكرر، حتى رقعة الشطرنج لا يجب أن تأتي بلونين فقط، وأنا لا أحب الشطرنج أساساً، ولا أتحمل أن أمارس لعبة تتطلب أن أظل شارداً أفكر في النقلة التالي!)
(لا أتخيل أن أقضي حياتي سعياً وراء ثابت! مهما كان نفيساً وجليلاً، فالثبات بحد ذاته نسقٌ وضيع! لا يثبت إلا الشيء البليد، لا يركد إلا الماء الآسن، لا يستيقن إلا العقل الكسول)
مع أن محور الرواية الثاني الأساسي الذي حمل اسم الروية "صوفيا" تففن علوان في وصف مرضها ومعاناتها ولكنها لم تحرِّك فيَّا ولا شعرة، لم أتعاطف معها أبداً تمنيت أن تموت باكراً وهذا لم يحدث طبعاً لانها أساسية للنص،وتحملتها لأراقب تطور علاقتها مع "معتز"، كنت متشوقة هل هي قادرة أن تحدث شرخاً في هذا الإنسان المضطرب؟ ولو بعد موتها تمنيت ذلك بصراحة لأعرف ما الشيء القادر على هزه ولكن في النهاية لا شيء يحدث .. .. وكل ما حدث له أنه:-
أشعر بالملل!..
هذه الشخصية لو كانت على أرض الواقع فإني أعتبرها خطرة ولن أقترب منها، ولكن بتحولها لكلمات على الورق تصبح ممتعة مثيرة للاهتمام .. .. وهذه روعة القراءة التي تسمح لنا بالغوص في نفوس مضطربة دون الخوف على أن أنفسنا من أن يصيبنا بعضٌ مما عندهم ودون أن يتمكنوا من إيذائنا .... مساكين هم الذين لا يقرؤون فقد فاتهم الكثير!