في هذا الكتاب يواصل ألبير كامو مواصلة جهد الروائي آرثر كوستلر ويطالب بإلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا ويلقي كامو الضوء على أن العقوبة الوحشية تزيد من بشاعة الجريمة فعقوبة الموت ليس لامجدية فقط بل مضرة وقد ساق في ذلك عدة حجج وهي:
1-المجتمع نفسه لا يؤمن بالعبرة في عقوبة الموت ولو كان لفعلها بنفسه فالعقوبة لا تتم إلا في السجون فكيف يمكن لجريمة قتل سرية تنفذ ليلا في باحة سجن ان تكون ذات عبرة ؟
2-لم يثبت ان عقوبة الموت غيرت قناعات قاتل وأحادته عن جرائمه فعقوبة الموت لا تخيف سوى من لم يخلقوا للجريمة أما المجرمون فقد سبق لكثير منهم حسب الإحصائيات مشاهدة تنفيذ لحكم الإعدام
3-عبرة كريهة مجهولة النتائج وطالما أن غرائز الإنسان تتصارع وليست قوى ثابتة متوازنة كالقوانين فالطبيعة البشرية ليست في صفاء القانون واستقراره وإلا كانت طبيعة ميتة ومن ثم فالقانون لا يكبح الجريمة
4-لرغبة في الجريمة هي الوجه الآخر من الرغبة في الموت وعقوبة الاعدام تغذي دوامة الدمار ، كما ان عقوبة الموت تغذي بالضرورة سادية الوحوش التي تقوم بالتنفيذ وتنتظر السيطرة الكاملة على الفريسة ف
5-وطالما اتفقنا ان الثأر طبيعة بشرية فالقوانين لا ينبغي لها ان تنسخ طبيعة الإنسان وغريزته في الثأر وإنما يجب ان تُسن لاصلاحها
إ6-ن مقولة موت بلا ألم افصل من الم دون موت محض خيال فخوف الموت ارهب وافظع من الموت نفسه وكأننا نفرض عليهم ميتتين
7-إن عقوبة الموت تفترض مذنبا تماما وبريئا تماما فهل هذا منطقيالاصحيح؟ واعتراض ألبير كامو على هذه النقطة بالتحديد يتلخص في الآتي
أ-الكحول : حسب الإحصائيات فهي عامل من عوامل الجريمة فهل الجرائم التي تتم تحت وقعها يمكن اعتبارها إدانة خالصة؟
ب-غياب المسئولية الكلية تقتضي عدم وجود ثواب وعقاب مطلقين وبالتالي لا يمكن عقاب خطأ نسبي بعقاب مطلق كنهاية الوجود
ج-حالات البراءة التي ظهرت فعلا ولكن بعد فوات الأوان
8-الكنيسة الكاثوليكية قد طرحت عقوبة الموت إيمانا منها بخلود الروح ومن ثم فإن عقوبة الموت عقاب مؤقت يمهد للخلاص بينما يبقى الحكم النهائي بيد الديان العادل ولكن إزا كان الحاكم والمحكوم ملحدين فما تبرير عقوبة محو الوجود؟
9-جرائم الدول اكثر تنظيما وشناعة من جرائم الافراد ورفض حكم الاعدام الذي تتفنن فيه الدول هيعني رفض وثنية الدولة والقانون المطلق الذي لا رجعة فيه
وفي النهاية يشير كامو إلى ضرورة استخدام الادوية ك " البنج" مثلا الذي ينقل المحكوم عليه من النوم الي الموت كحل وسط مادمنا غير قادرين على منع العقوبة يشكل تام فالافضل إن كنا لا نحترم قدسية الحياة فعلينا ان نحترم حشمة الموت
في الجزء الثاني من الكتاب وبعنوان (أعراس) يصف فيه كامو الطبيعة الجميلة في مدينتي جميلة وتيبازة الجزائريتين وتأملات في السعادة والحزن وطبيعة الحياة والموت ، فالخوف من الموت لدى كامو ما هو إلا غيرة على الحياة والأحياء من بعده ، كما يتأمل كامو في الفن خصوصا اللوحات العتيقة حيث يعبر كامو واصفا الرساميين بأنهم "روائيو الجسد".