هل السعادة مكتسبة و الألم دفين ؟؟
هل هذا زمن لا يصلح للأحلام ؟؟
لماذا لم نعد أطفالا بعد و لم تعد جروحنا تندمل بسهولة ؟؟
لم أصبحنا نخاف الآن من كل شيء ؟؟ و لم لا يتغير شيء رغم أننا لا نكف عن الأحلام ؟؟
و كيف أبدع المنسي قنديل مثل هذه الرواية البديعة ؟؟
عن العشق و الحزن و الرغبة , و عن الأحلام و الأوهام , و عن انكسار تلو انكسار تلو انكسار يحدثنا المنسي قنديل , يحدثنا بلغة بديعة جلية و أسلوب ليس كمثله أسلوب , ما أجمل ما أبدعه , و ما أرق أسلوبه .
في كل صورة وصفية يجعلك تحس و تشعر بكل إحساس وصفه , و ترى كل مشهد وصفه , و تعيش وسط
الشخصيات , تسير مع علي و تتحدث مع فاطمة , تحضر معهم موت مصطفى و تهتز لمشاهدة احتضاره , و تحضر دروس التشريح بكلية الطب بنفسك و تشرح معهم الجثث و تحس بالمشرط و هو يمزقها أمام عينيك.
هذه الرواية هي قصة مصر , و حال بلد بأكمله , هذا الانكسار يشعر به كل منا بطريقته . حتى أنجح الأشخاص روحه منكسرة , كما عبر عنها المنسي قنديل بعبد الحليم حافظ في مشهد سريع جدا و ذو دلالة غير عادية .
الرواية موجعة جدا , فبداخل كل منا روح كسرتها أحلامنا الكبيرة
===============
" أليس من المؤلم أن أفكر في الفراق في صميم تلك اللحظة من عناقنا معا , من امتزاج أنفاسنا و عرقنا و رغبتنا ؟"
_______________________________
" ابرزي لي , تجلي ذات لحظة , مسي قلبي بأطراف أصابعك لعله ينتفض و تعود شغافه الميتة إلى الوجيب "
_______________________________
" طوال هذه المدة كنت أنا و أمي نتجنب الحديث عنه بصورة مباشرة , و لكنه كان موجودا في صمتنا , في تفاصيل الشقاء اليومي , في كل لقمة باردة "
_______________________________
" رأيت وجوه زملاء أبي و هي تكبر و تشيخ , يصيبها أثر من الزممان القاسي , تفقد بعضا من أحلامها , و شيئا من عزة نفسها حتى تتواصل فقط حركة الحياة "
_______________________________
" كيف يمكن أن تمر بي لحظات مثل هذه دون أن تجعلني أسيرا لها , و تتوهج الحياة في داخلي كما لم تتوهج أبدا , و يتداخل الحلم في اليقظة , و الأسى في الفرح و تتحول الأمنيات المستحيلة إلى أشياء هينة و سهلة المنال "
_______________________________
" كنا شركاء في نفس البؤس يا فاطمة و إن اختلفت الدرجة قليلا , و كانت المعجزة أن نلتقي رغم ذلك , و أن نشعر بهذا الشيء الذي يسمى الحب , و أن نعلو معا في لحظة نادرة فوق الطين و القش و نحلم بإمساك السحاب "
_______________________________
" الحرب التي اشتعلت فجأة وضعت أوزارها فجأة ,لم يحدث شيء لولا أن الموتى لا يمكن تجاهلهم "
_______________________________
" أتدري ماذا أراد عبد الناصر منا أن نكون , عشبا أخضر , مزدهرا و يانعا , و لكنه عشب , متشابه العيدان و الأوراق , العشبة تشبه العشبة بلا أدنى اختلاف , ننحني جميعا أمام العاصفة , و نخضع للقص و التشذيب , و نمتص نوع السماد الذي يوضع لنا , لم يرد منا أن نتمايز , أن تخرج منا أزهارا برية أو أحراشا مليئة بالأشواك أو حتى أشجارا تنبت النبق و الحصرم , كان يحرص على تغذيتنا بالسماد المناسب , و لكنه كان يقصنا في الوقت المناسب أيضا "