أحبائي
الزميل الكاتب الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري
عمل جيد
ماذا كان رأي القرّاء بكتاب العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة - المجلد الثاني؟ اقرأ مراجعات الكتاب أو أضف مراجعتك الخاصة.
فكرة أراد المسيري على ما أظن إيصالها بإلحاح أن الإنسان ليس شيئا أو بسيطا ذا بعد واحد اقتصادي أو جسماني يخضع للمعايير و المقاييس و المعادلات الرياضية يمكن توقع تصرفاته بكل بساطة و إنما الإنسان ظاهرة مركبة إلى أقصى حد ذو أبعاد متعددة , يحوي داخله عناصر لا يمكن ردها إلى النظام الطبيعي المادي ( الوعي – الحس الخلقي – الحس الجمالي – المقدرة على مراقبة الذات وتغييرها – المقدرة على فعل الخير و على فعل الشر بشكل واع نتيجة اختيار حر )
((أن الحيز الإنساني مختلف عن الحيز الطبيعي المادي مستقل عنه و أن الإنسان يوجد في الطبيعة و لكنه ليس جزءا عضويا منها لان فيه من الخصائص ما يجعله قادرا على تجاوزها وتجاوز قوانينها الحتمية وصولا إلى رحابة الإنسانية وتركيبيتها ))
حسنا".. ثرثرتي هذه لا تكفي و مرهق هو هذا العالم
ليس من السهل وضع مراجعة لهذا الكتاب بــ جزئيه .
فالكتاب على درجة كبيرة من العمق والتشابك , هذا بالإضافة إلى الكم الكبير من المعلومات وخصوصا الفلسفات الغربية , وكذلك في حجمه .
يتحدث الكتاب في بدايته عن ما يسميه الكاتب بالعلمانية الجزئية وأخرى شاملة .
لكن ما يركز عليه الكاتب بشكل كبير هو العلمانية الشاملة .
حيث يوضح بان العلمانية ليس كما يتخيلها الكثير من السذج بأنها "فصل الدين عن الدولة" فقط . بل هي تشمل على علمنة الإنسان ككل في حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .. الخ .
كما يبين الكاتب بأن العلمنة أو علمنة الإنسان هي في الحقيقة نزع القدسية عنه و"تشيئه" كما يسميها الكاتب , وذلك من خلال تحويله إلى شيء ! فعلى المستوى الاقتصادية مثلا تصبح الغاية والهدف من الحياة عند الشخص "المعلمن" هو البيع والشراء وتكديس الأموال وزيادة الثراء ! فهذه هي غاية الغايات . طبعا مع خلوها من أي مشاعر كالضمير او السعر العادل .. وهذا ما قامت عليه الاشتراكية بافتراض ان ما يحرك السلوك الانساني هو المادة فقط .
وكما يبين الكاتب تشابك العلمانية الشاملة بمفاهيم أخرى كالعولمة والامبريالية وا النظام العالمي الجديد ... وكلها تصب في النهاية في تقديس المادة واعتبارها المرجع أو المثل الأعلى .
وكما يقوم بضرب العديد من الأمثلة على ذلك في ما يتعلق بجميع جوانب الحياة من أسرة, وزواج , وطعام , ومسكن ... وغياب الخصوصيات والنمطية في الحياة ...
وبالإضافة إلى معرفة ما تقوم عليه الفلسفة الغربية النيتشوية الداروينية من حب السلطة والقضاء على الأخر والبقاء للأصلح والأقوى , لتجد ان هذا في حقيقة الأمر مطبق في الحضارة الغربية المادية الآن . فهي تنظر إلى البشر على أنهم أشياء يمكن الاستفادة منها وتوظيفها لمصلحتهم –بحكم أنهم الأقوى – أي الاروبييون .
كما ان التقدم والتطور وفق منظور الفلسفات الغربية لا يمكنه ان يستمر , لما تحتويه من نهب للطبيعة والإنسان على حد سواء . ولما تفرزه من مفاهيم كالفردية , المنفعة , اللذة,المصلحة ....
والحقيقة الموضوع طويل جدا ,وكما قلت ليس من السهل وضع مراجعة له .
وان اقل ما يمكن وصف هذا الكتاب على انه رائع .
كما يصلح للمهتمين بالجانب الفلسفي أو العلوم الإنسانية ....
السابق | 1 | التالي |