ليس من السهل وضع مراجعة لهذا الكتاب بــ جزئيه .
فالكتاب على درجة كبيرة من العمق والتشابك , هذا بالإضافة إلى الكم الكبير من المعلومات وخصوصا الفلسفات الغربية , وكذلك في حجمه .
يتحدث الكتاب في بدايته عن ما يسميه الكاتب بالعلمانية الجزئية وأخرى شاملة .
لكن ما يركز عليه الكاتب بشكل كبير هو العلمانية الشاملة .
حيث يوضح بان العلمانية ليس كما يتخيلها الكثير من السذج بأنها "فصل الدين عن الدولة" فقط . بل هي تشمل على علمنة الإنسان ككل في حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .. الخ .
كما يبين الكاتب بأن العلمنة أو علمنة الإنسان هي في الحقيقة نزع القدسية عنه و"تشيئه" كما يسميها الكاتب , وذلك من خلال تحويله إلى شيء ! فعلى المستوى الاقتصادية مثلا تصبح الغاية والهدف من الحياة عند الشخص "المعلمن" هو البيع والشراء وتكديس الأموال وزيادة الثراء ! فهذه هي غاية الغايات . طبعا مع خلوها من أي مشاعر كالضمير او السعر العادل .. وهذا ما قامت عليه الاشتراكية بافتراض ان ما يحرك السلوك الانساني هو المادة فقط .
وكما يبين الكاتب تشابك العلمانية الشاملة بمفاهيم أخرى كالعولمة والامبريالية وا النظام العالمي الجديد ... وكلها تصب في النهاية في تقديس المادة واعتبارها المرجع أو المثل الأعلى .
وكما يقوم بضرب العديد من الأمثلة على ذلك في ما يتعلق بجميع جوانب الحياة من أسرة, وزواج , وطعام , ومسكن ... وغياب الخصوصيات والنمطية في الحياة ...
وبالإضافة إلى معرفة ما تقوم عليه الفلسفة الغربية النيتشوية الداروينية من حب السلطة والقضاء على الأخر والبقاء للأصلح والأقوى , لتجد ان هذا في حقيقة الأمر مطبق في الحضارة الغربية المادية الآن . فهي تنظر إلى البشر على أنهم أشياء يمكن الاستفادة منها وتوظيفها لمصلحتهم –بحكم أنهم الأقوى – أي الاروبييون .
كما ان التقدم والتطور وفق منظور الفلسفات الغربية لا يمكنه ان يستمر , لما تحتويه من نهب للطبيعة والإنسان على حد سواء . ولما تفرزه من مفاهيم كالفردية , المنفعة , اللذة,المصلحة ....
والحقيقة الموضوع طويل جدا ,وكما قلت ليس من السهل وضع مراجعة له .
وان اقل ما يمكن وصف هذا الكتاب على انه رائع .
كما يصلح للمهتمين بالجانب الفلسفي أو العلوم الإنسانية ....