خاض الرافعي في ميدان البحث التاريخي خوض الاديب لا الباحث ، فانشغل بقوة الألفاظ و البلاغة عن المراحل والقواعد المنهجية الواجب اتباعها كإثبات الحقائق و نقد الروايات .
لا ريب أن التأريخ لآداب العرب ينطوي على صعوبة ومشقة فالكتب التي تناولت هذه الآداب في أغلبها هي كتب للقراءة المجردة وليست لأغراض البحث فلا تجد في أكثرها فهارس و مراجع لتسهيل الأمور على الباحثين ، فالكتاب الذي بين أيدينا لا يخرج الا من الصدر الرحب والقلب المعتزم والفكر الصحيح وهذا ما اتفق للرافعي اضافة لما يملك من سداد اللفظ وإحكام الوضع وجزالة التركيب وحسن العرض ووضوح التفصيل .
في الجزء الأول من الكتاب بحث الرافعي في اللغة العربية نشأتها واصلها واطوار تهذيبها وانتشارها في القبائل و مخارج حروفها واختلاف لهجات متكلميها واسرار نظامها اللغوي و افرد الباب الثاني من هذا الجزء للرواية والرواة
أما الجزء الثاني فخصصه للقرآن الكريم والبلاغة النبوية ،في حين احتوى الجزء الثالث على عرض لتاريخ الشعر العربي ومذاهبه والفنون المستحدثة منه وأدب الأندلس والتأليف وتاريخه عند العرب ونوادر الكتب العربية والصناعات اللفظية .
يقول شيخ المجلات العربية عن هذا الكتاب " يجب على كل مسلم عنده نسخة من القرآن أن تكون عنده نسخة من هذا الكتاب " ويقصد المجلد الثاني الخاص بالقرآن الكريم ، وعندي أن شيخ المجلات العربية قد قال شططا ،وبالغ في المجاملة للرافعي وان كاتبنا أخظأ في ايراده لهذا الرأي السفيه ، فقابل المدح كمادح نفسه ومادح نفسه مبذول وهذه الصورة لا نريدها للرافعي فالكتاب ليس الا اجتهاد فيه الكثير من أوجه النقص و لا يرتقي الى مثل هذا الغلو في المديح .
لسبب ما لم يقم الرافعي بتجميع الجزء الثالث ونشره رغم توافر مادته او اغلبها على حد وصف السيد عريان الذي قام غير مشكور بتجميعه ونشره فعبث بارث الرجل ولم يزد الا ان حول هذا الجزء الى فهرست كتب وسجل وفيات وهذا ما كان الرافعي لا يحبذه كما اوضح في المقدمة فسامح الله هذا العريان على ما فعل وجعلنا بعد قراءة ما يزيد عن الف صفحة ننهي الكتاب على اسوء أثر ممكن .