يكتب ماركيز عن الحب من خلال قصة تقليدية بسيطة، يطرح فيها من التساؤلات مايُعجز إجاباتنا التقليدية وتصوراتنا المسبقة، كيف يبدأ الحب؟ تآلف قلوب هو أكثر أم انسجام عقول؟ حقيقي هو أم يتبخر مع رائحة الشيخوخة ؟!
تتبادل فيرمينا وفلورنتينو عذابات الحب الأول حتى يظهر الدكتور أوربينو في حياتهما، الدكتور الذي يحارب الكوليرا ببسالة مقابل فلورنتينو الذي يتحدث عن كنوز غارقة في قاع البحر، الاختيار لفيرمينا الحائرة بين منطقية الأول وتهوّر الآخر ، الآم الحب التي عذّبت فلوريننتو توقف الزمن حتى يراه في عثرات الحبيبة العجوز، أوربينو يقبّل زوجته فيرمينا ويرى أن حبه المستجد فكرة لابأس بها، فيرمينا تتهرب من عقدة الذنب ويصيبها الرعب لمجرد التفكير في سوء اختيارها أو حسنه، حيرة كامنة لم يحسمها زواج المجتمعات الراقية.
مسكّنات الحب لفلورنتينو اريثا هي بمثابة قصص قصيرة تتخلّل الرواية ؛ على الرغم من تماشيها مع سياق الأحداث إلا أنها تكررت كثيراً، تبدو حقيقية جداً وكأنها تخليداً لغراميات ماركيز نفسه، تذكرت حديث عاموس عوز عن القارئ السيء وتراجعت جزئياً عن ريبات ظنوني :-)
****
الرواية تفرض إيقاعها الخاص في القراءة، تتمهل لتستمتع بجمال مايرويه ماركيز وصالح علماني في منظومة جمالية متناسقة، تفكك كرة الحب المتشابكة من كثرة ماطُرح سابقاً من المشاعر الإستهلاكية والكليشيهات المعتادة.
ماركيز يأخذ بيدك من جديد لترسم علامات استفهام عميقة عن ماهية الحب، الأفكار والتساؤلات هنا كانت أكثر مما خرجت به بعد قراءة الحب والفناء مثلاً **** ، الحب في زمن الكوليرا من العلامات الفارقة في عالم الرواية وتستحق مانالته من شهرة وبالتأكيد تستحق القراءة.