كتبت الرواية في عشرينيات القرن الماضي لتتكلم بالتلميح احيانا و التصريح احيانا أخرى عن حقبة زمنية مرت على مصر فنقرا بين دفتيها بدايات شعب بطبقاته الاجتماعية المتفاوتة الفروقات فنرى كل طبقة متمثلة في شخصية لتتفاعل مع بعضها فنرى كيف ان هذا التفاعل ادى الى ما ادت اليه هذه التجربة، فرسمت الشخصيات بطريقة جميلة حيث تتراوح في موقعها الاجتماعي المحلي من المؤمنين بالخرافات و الاتكال عليها في تسيير الامور و هنا تتمثل في شخصية "زنوبة" الجاهلة الامية الراغبة في الزواج الى شخصية محسن المتعلم و الذي كان من ام تركية سليطة على الفلاحين ظالمة لهم و ابوه ذات النفوذ و الثروة الذي كان تحت سلطة الام التركية ، و شخصيات اخرى مثل سليم اللاهث وراء شهواته و المتبختر بزيف موقعه كشرطي و عبده المهندس و حنفي الرئيس الكسول الذي يعشق النوم ، و كذلك شخصية "سنية" البنت المثقفة الفاتنة التى شكلت الشخصية المركزية بتاثيرها على كل من حولها لتغير مسار تلك الشخصيات كل حسب تفاعله معها من موقعه.
كانت المراة في "عودة الروح" السبب الرئيسي في التغيير، زنوبة الجاهلة حيث كانت تضيع و تستنزف ثروات الشعب في الخرافات لمصالحها الشخصية ، سنية التي فتنت و ارقت الشباب و كانت سببا في تغييرهم و اعادة الحساب في التعامل و التفاعل مع الاخرين و ام محسن التركية في تعاملها مع الفلاحين، فكانما نقارب الفهم ان الانثى كحبيبة او فاتنة او ام لها اكبر الاثر في المجتمع ليقوم و يكون او ليموت و يفنى و لكن لابد للرجل في موقفه منها ليرفضها او يعيش معها، و تعيد الروح له لاجل الوطن و بناء الاسرة.
محور اخر تتطرق له الرواية الا وهي النصوص، فحتى مع علم محسن بان رسالة سنية له لم تكتب الا بيد اجير الا انه حفظها عن ظهر قلب ، و الرسائل كانت ذات حظوة هنا في تسيير الامور، فاشارتها الى ماهية النصوص التي قد تكون صالحة لرسم خارطة طريق و يجب اعمال العقل في تلك النصوص و تفسيرها في ما يتوافق و الصالح العام لا الصالح الفردي الخاص.
عدة محاور نتقابل معها تفهمنا المجتمع المصري خاصة و العربي عامة بان هذه "امة اتت في فجر الانسانية بمعجزة الاهرام لن تعجز عن الاتيان بمعجزة اخرى او معجزات! امة يزعمون انها ميتة منذ قرون و لا يرون قلبها العظيم بارزا نحو السماء بين رمال الجيزة ...... لقد صنعت مصر قلبها بيدها ليعيش الى الابد"
و انها سوف تاتي بالمعجزات على يد الفقراء و الفلاحين و لكن لابد له من ام حنون و ام لا تلقي بالا الا للوطن و ابناءه ليعيدوا و يستعيدوا مجد معجزاتهم ، "و ها هي مصر تنتظر مولودها الجديد بعد نوم دام قرونا تنتظر ابنها المعبود رمز الالهة و الامال المدفونة يبعث من جديد..... و بعث هذا المعبود من صلب الفلاح "
رواية جميلة بتصويرها المجتمع بشكل مركز مصغر في اسرة واحدة و التلميح بشكل صريح بان هذه الاسرة هي الشعب بطبقاته و رئيسه.