مصطفى محمود دائماً ما تتذوق في كتاباته طعم التمرد على القديم ، هذه الروح لم يستطع أن يتخلص منها منذ نشأته فظلت كطابع لشخصيته حتى بعد إيمانه .
فدوماً لديه أفكاره المنفتحة الغير مألوفة في ديننا الحنيف .. قد يكون منطلقه فيها من تعاليم الإسلام نفسه لكنه ربما أوصلها لمكان لا ينبغي أن تصل إليه ، لأن عليه مراعاة أن هناك من ينتظر مثل هذا الفهم لينطلق في انحرافه أو ليبرهن على أفكاره المتحررة من كل دين ...
كتاب ديني إيماني متأثر في أغلب الاحيان بالفلسفات الغربية عن الكون والحياة والنفس البشرية سواء بطريقة عرضه أو ببعض أفكاره .. يستعمل فيه البرهان العقلي والعلم والمكتشفات الكونية الحديثة ليبرهن بها على الخالق بطريقة استطيع أن أقول أنه دمج فيها العلم مع العاطفة ..
الكتاب عبارة عن مجموعة تساؤلات عن الخالق و النفس البشرية والكون والحياة والآخرة، تساؤلات أجاب عليها بنفسه بطريقة فلسفية قد تكون أشبه بحديث داخلي مر به هو نفسه وخَبِرَهُ وأجاب عليه بعد أن محّص ودقق واستدل ..
الأسئلة التي قد يجيب عليها صوت الفطرة السليمة الموجودة في كل إنسان ، إذا استمع له بكل صدق ، اذا كان همّه أن يصل الى الحقيقة وليس همّه المعاندة والمكابرة و التمرد فقط ..
مصطفى محمود لديه القدرة على الرد على جميع التساؤلات التي تنطلق من فكر معاند أو ملحد لأنه هو نفسه قد مر بها وعايشها فاستطاع بذلك أن يختصر عليهم الطريق ويرد عليها .. لكن مع ذلك لا اعتقد أنه لا يرقى إلى مستوى حجة الشيخ البوطي ولا ردوده المفحمة التي يستطيع من خلالها أن يخرس كل معاند ويسد في وجهه جميع السبل في جواب واحد ..
كتاب جيد ليقرأه كل متشكك أو متسائل أو مرتاب ففيه براهين وفيه دلالة على الإعجاز في هذا الكون وفي كل خلق الله ..
لكن أعتقد أنه أخطأ حين جعل شخص الدجال كائن في التقدم العلمي والمادي ، فأوّلَ أحاديث الرسول على وجه آخر ينفي به وجود الدجال كشخص ...وكما قال هذه ليست فكرته وإنما فكرة محمد أسد ولكن من الخطأ تناقل هكذا فكرة او الإيمان بها ، فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم للدجال هو وصف واضح لا داعي لتأويله ولا اللعب على ألفاظه .. فأين هي عينه التي تبدو كعنبة طافية ، وأين شعره المجعد ؟؟ هذه الأوصاف قد نسي أنها تؤكد على أن الدجال هو إنسان أو مخلوق وليس جماداً أو فكرة ..
بشكل عام الكتاب جميل جعله بشكل مقالات صغيرة على موضوعات مختلفة والتي هي : الله ، الروح ، الجسد ، العدل الأزلي ، لماذا العذاب ، ماذا قالت لي الخلوة ، التوازن العظيم ، المسيخ الدجال .