خال الذي اقرأه للمرة الأولى ... يتجرأ ليقذف بنا دفعة واحدة الى الوراء الى بقعة قروية واحلام قروية وحقول الفتها الاقدام العارية القروية ، ويحيى الذي دخل متاهات السفر ولا يزال رأسه عالقاً بما ترك خلفه او بمن تركه يسير لوحده يسافر من مكان يعرفه بالزاوية وبالزقاق وبالوادي وبالحقل وبالمدخل والمخرج ليذهب الى مكان لا ملامح له يعرفها ولا راحة فيها ليتوسدها .
يحيى واجه القدر الذي راح به من مكان الى آخر هو يخبرنا بأن لا مفر لنا من اقدارنا وسنعيشها بلحظاتها مرةً صعبة او غير ذلك ، وفي حين تتطلع امه الى حياة حية وترسله لجلب رغد العيش لهم ثم يعود تأتي على غلفة من الأحلام رحلة الموت لتسوقهم الواحد تلو الاخر فلا يعود يحيى من رحلته ويبقى بالغربة يبحث عن وطنه ويكدس لأجله الاشواق التي لا تنفك عن افساد نومه ويومه .
الرواية تحملها مساحات شاسعة من الألم والحيرة والشوق وعذابات الروح ... والأمل ، وكأنها تقيس درجة تحمل كل واحد منا ولكن لا احد يتحمل ما مر به يحيى من محن وغربة واوجاع لا عد لها ولاحد ولا احد يستطيع ان يحمل عملة بوجه للجوع وآخر للعبودية ويبقى صامتاً دون ان يخجله الألم و يتمنى التراب ، مأساة يحيى وسلسة الفجائع التي مر بها تبقى في الذهن الى ما بعد اغلاق الكتاب وفتح آخر ثم آخر .
لا اعلم لم علق هذا الحوار في داخلي كثيراً :
"يقولون :
- ستقوم الحرب .
- حرب من مع من ؟
- جمال أرسل جنوداً يحاربوننا.
- ويحاربوننا لماذا ، هل نحن كفار ؟
صوت آخر :
- أليس هو الذي يقول إنه سيحرر القدس ؟
- كنه يحسب القدس هنا !!! "
الرواية القت الضوء على زمن جمال عبد الناصر الذي جعل الامة تنام وتصحو على حلم الوحدة العربية وقد بقي الحلم حلم كما هو لكن الحال اضحى حروباً تنتزع ارواح الابرياء وتحصد حتى العشب الذي يقتات منه الجياع ادخل الامة في القهر والذل والوجع وحارب من لا تجوز عليهم الحرب ولا يستأذن فيهم القتل ، لكن جمال ذهب ليلقى حسابه عند ربه بما فعل ، ونحن الآن لا نستطيع ان نعد كم جمالاً بقي وكم حرباً سنخوضها ولا ناقة لنا فيها ولا جمل ولا نعرف متى ستكون حربنا في القدس وللقدس ؟؟
رحلتي الاولى مع خال كانت صعبة جداً لكنني لن اتنازل عن خوض الرحلة التالية .