بدأت في قراءة هذه الرواية عدة مرات، وفي كل مرة أتوقف ولا أكملها، ولم أكن أعرف السبب، ولكن هذه المرة ومع الوصول لنهايتها، أدركت أني كنت أهرب منها، أهرب من تلك المرارة التي تزرعها داخلي بمجرد قراءة عدة أسطر فيها.
هل قرأت مرة لكاتب وشعرت أن كل كلمة يكتبها تمسك قلبك بين يديها وتعصره بكل قسوة، تشعر بتلك الغصة تحتاجك ولو ضغط عليك أكثر ستبكي بكل سهولة؟
في كل سطر، وكل فقرة، ومع كل راوي لن يتركك هذا الاحساس، وربما أغلقت الكتاب فقط لتتنفس ..
لقد صدق "غازي القصيبي" فيما قاله عنها وعن الكاتب:
" إن الإنسان الذي يستطيع أن يعذبك هذا العذاب كله, أن يشقيك هذا الشقاء كله عبر رواية , مجرد رواية , لابد أن يكون روائيًا موهوبًا, تحبه لموهبته وتكرهه لأنه يذكرك بالمأساة الإنسانية "
في تلك القرية البعيدة جدًا في الحكاية، القريبة جدًا من واقع الكثير من البلاد التي يسودها الظلم والقهر، تلك القرية لا يمر الموت فيها، ولكنه ساكن في كل جزء فيها، بل لا شئ هناك سوى الموت.
رواية سوداوية لا مجال فيها لأي أمل مهما حاولت، شخصياتها وحكاياتهم التي تتعجب من قدرتها على وصف حالها بدقة مؤلمة، كيف لهم أن يعيشوا مستسلمين لهذا الموت المستشري في أوصال كل شئ حتى داخلهم؟!
حتى الطبيعة قررت المشاركة في تعذيب هؤلاء ولا سبيل لديهم سوى الإستسلام.
رواية لا تُقرأ دفعة واحدة، فهنا ستقابل الموت بكل أشكاله وأنواعه المتوقعة وغير المتوقعة.. فيجب أن تسأل نفسك:
هل لديك القدرة لاحتمال كل ذلك ؟