قال صلى الله عليه وسلم: إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم, عربهم وعجمهم جميعاً إلا بقايا من أهل الكتاب. في ذلك الزمان قبل بعثة المصطفى عليه افضل الصلاة وأتم التسليم نظر الله سبحانه وتعالى الى اهل الارض فقمتهم لما كانوا عليه من فساد وكفر، وكان حرياً بذلك الزمان ان تتنزل به رسالة الحق والإيمان، رسالة تنهض بالأمم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد، وكانت النفوس تواقة الى تلك الرسالة تنتظرها بما عندها من بشارات ودلالات. كانت الامم السابقة وخصوصا اهل الكتاب ينتظرون بعثته عليه افضل الصلاة وأتم التسليم وكان الكون كله في انتظار تلك الرسالة، فكانت تلك الطوالع التي تبشر بقدومه.
هذا الكتاب بلقي الضوء على هذه الطوالع ويتتبع ما جاء عند تلك الامم، اعتمد العقاد على مصادر الامم نفسها وجاء كتابه مقسماً الى قسمين، نتائج غير متعلقة بالمقدمات ونتائج كانت طبيعية لمقدماتها. ولكن النتيجة الأكبر والاهم لم تكن تحتاج الى دليل ولا الى استبصار بأنها هي الحق وانها جاءت في زمانها ومكانها المناسبين، كانت بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ختام كل بعثة ونتيجة لكل رسالة، قال عليه الصلاة والسلام: إنما بعثت لإتمام مكارم الأخلاق ،قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما مثلي ومثل الأنبياء قبلي كرجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون لولا موضع اللبنة .