أنتهيت من قراءة الجزء الثاني من ثلاثية القاهرة
المؤلف : نجيب محفوظ.
عنوان الرواية : قصر الشوق و هو حي من أحياء القاهرة. ( سميت بذلك الاسم حيث كانت هذه المنطقة قديما(تقريبا في عصر شجر الدر) قصر وهذه الشوارع كانت دهاليز بالقصر وكان هذا القصر تملكة الملكة شوق وسميت المنطقة بذلك الاسم. Wiki )
عدد الصفحات : 542 صفحة
التقييم : 5 من 5 و بجدارة
مراجعة للرواية :
الرواية تكملة لما بناه نجيب محفوظ في الرواية الأولى من ثلاثية القاهرة ، حيث خص في هذه الرواية شخصية السيد أحمد عبد الجواد و ابناه ياسبن و كمال و الماجنة زنوبة بمعظم صفحات الكتاب. الرواية من حيث حبكتها قوية جدا و تعتمد على سابقتها (بين القصرين) من حيث تكوين صور ذهنية للشخصيات و ما حدث لهم أبان ثورة 1919 من أحداث. أيضا المونولوجيا في الرواية كثيرة جدا ( محاورة الشخصيات ﻷنفسهم و تحليل أفكارهم).
شخصبة كمال هي الشخصية المحببة و البغيضة بالنسبة لي .... في الجزء الأول من الثلاثية كان طفل فضولي يثير الأسئلة بشكل مستمر ، و لا يجد لها إجابات شافية عنها و يكممون فمه عن الحديث فيها بالشدة و الوعيد. و يكبر كمال في الجزء الثاني و بتخيل علاقة عاطفية بينه و بين أخت صديقه و يكتشف الوهم الذي يعيش فيه ، فيدخل في مرحلة جديدة و يكفر بكل شيء ... يكفر بالدين و المرأة و الحياة و الحب و يحاول إيجاد أجوبة عنها. ( لاحظت أيضا في الرواية أنه لم يكفر بالله بشكل تام ، بل كفر بإله الأديان الإبراهيمية مثل ما يقول الملحدين في العصر الحديث ... أي ينزع عنه صفة القسوة و الجبروت و التسلط و ينكرون النار و آلخ ... و يستبدلون ذلك برب رحيم متواضع لا يأمر الناس بعبادته آلخ ... و قد صرح ذلك كمال في أحد الفصول بطريقة غير مباشرة). أيضا صرح كمال بأنه يؤمن بالنظرية الدارونية و ما قاله العالم "نيكولاس كبارنكس" و "جوردانوا برونو" و أن العلم هو بداية التطور و الوصول إلى الحقيقة. تعمق نجيب محفوظ في وصف نفسية الملحد و ما يجابهه من المجتمع و علاقته بأسرته و كفره بجميع الأخلاقيات و القيم ، فأصبح كمال من متطرف شديد مؤمن ، إلى ملحد شرس عنيد.
أيضا الرواية تعكس واقع المجتمع المصري في فترة زمنية معينة ، و تنقاش قضايا اجتماعية و غريزية كالجنس و التجبر و الاستبداد الأسري.
في إعتقادي من تسلسل أحداث الرواية أن شخصبة كمال الملحدة ما هي إلا سرد لحياة نجيب محفوظ الفكرية في فترة زمنية معينة ، حيث يلاحظ في تطور فكر كمال تطور محبوك بشكل رهيب ، فكان في الجزء الأول و الثاني محكوم بمراحل أوقست كانت الثلاث لعقل الانسان و هي :
1-المرحلة اللاهوتية...
2- و من ثم انتقل إلى المرحلة الثانية و هي المرحلة الميتافيزيقية و الروحية
3- و انتهى أخيرا بالمرحلة الثالثة و هي نبذ العقلين السابقيين و الإيمان فقط بالعلم
فإما أن يكون نجيب محفوظ يسرد قصة حياته حتى صادف تحليل أوقست كانت ... و إما أن يكون أديب عبقري من طراز فلسفي يجيد حبك الشخصيات بطريقة لا تختلف عن الحقيقة حتى في المعاني.
كلمة أخيرة : استغربت عندما لم أجد هذه الرواية في مكتبة جرير على الرغم من أنها السبب في حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب ، لكن بعد ما قرأتها عرفت السبب ... فأنا لا أنصح أي شخص محافظ بقراءة هذه الروابة لما تحتويه من مجون و فسق و عهر و تزيين للخمر و وصفها بأنها رائدة السعادة الانسانية و آلخ ... بالإضافة إلى الإلحاد الصريح فيها.
أنا عن نفسي أستمتعت جدا في قراءة الرواية و بي شغف ﻷكمل الجزء الثالث من الثلاثية بعنوان السكرية ، بس بعد ما أخذ لي فترة راحة من القراءة.