بعد قرائتي ﻷول 100 صفحة من رواية بين القصرين أستطيع أن أقول بأن نجيب محفوظ لا يقل عبقرية عن دويستفيسكي في وصف النفس البشرية و بالأخص خبايا الانسان العربي المسلم ... فتجد الازدواجية في شخصيات أبطال الرواية مثل السيد أحمد عبدالجواد الرجل اللطيف الودود مع الناس القاسي في منزله ، المصلي لله و المزكي و في نفس الوقت معاقر للخمرة محب للنساء ، و كذلك زوجته أمينة التي تنقاد لزوجها و "سيدها" مثل ما تقول و تتذلل له و لا تعصي له أمر و في نفس الوقت المحبة للحياة و تريد أن تعرف ما خلف أسوار منزلها لكن لا تريد أن تعصي أمره فهو يبقى زوجها بجميع مساوئه و يكفي مثل ما قالته أم السيدة أمينة ( احمدي ربك يا أمينة ، لم يتزوج عليك السيد أحمد ) ... فهذا ديدن النساء العربيات حيث تخضع بناته و تذلهم ﻷزواجهم.
و كذلك نجد التناقض في شخصية ياسين ( ابن السيد من زوجته السابقة ) الذين يرى أمه عار في حياته بسبب علاقاتها المشبوهة مع الرجال حتى وصل به القول : ( كل امرأة لعنة قذرة ... لا تدري امرأة ما العفة إلا حين تنتفي أسباب الزنا ... حتى امرأة أبي الطيبة الله وحده يعلم ماذا كان يمكن أن تكون لولا أبي ) و قوله هذا مثل قول راسكلينكوف في رواية الجريمة و العقاب لفيدور دويستفيسكي: ( أن المجرم ينشأ حسب ظروف البيئة ، فمتى ما أنتفت بواعث الجريمة في محيطه أنتفت الجريمة ) ، و لكن ياسين على كرهه و بغضه لفجور أمه إلا أنه في ذاته أيضا شهواني محب للنساء مراقب لهم و يستلذ في النظر إليهم بالإضافة إلى أنه يحب "زنوبة" من أسرة طربية و يراقب مثل ما تقول الرواية (عجزها) بطريقة شهوانية.
التناقض البشري أبدع في وصف هذه الحالة الدكتور علي الوردي أيضا في كتابه (شخصية الفرد العراقي )