اقتباسات محمد عبد الرحمن خلف

❞ الإنسان هو لبنة أمته، فإذا أردت هدم أمة، فاهدم الإنسان أولًا ❝

لم يعد يزورنا القمر، ومن ينزع الشوك من نفوس الناس؟ فهل النهاية قريبة حقًا؟ لكنَّ النهاية إلى ماذا؟ إلى الموت! وإن مِتنا، فمَن الذي سيحيي هذه العظام الرامية بعد موتنا

لا يشترط على الخائن أن يكون من صلب عدوك حتى يخون، فنفس الإنسان معقدة، وعميقة للغاية، فقد يصور له عقله أنه يفعل الصواب، وربما يفعل هكذا عن قناعات تامة، وربما كفر، أو ربما خائن!

الإنسان هو لبنة أمته، فإذا أردت هدم أمة، فاهدم الإنسان أولًا على مدار التاريخ،

سقط «عليّ»، بَلى، سقط وماتت معه الأفئدة، مات وهو جائع خاوي المعدة، مات «علي» مات، وهو يشعر بالبرد بلا دفء، وفي أضلعه ألم دفين، مات وسطور القضية كلها مسطورة على صدره، وحيدًا دون وداع، لكن لعل هناك أرواح طاهرة ستستقبله في السماء،

‫ «كل شيء هنا أصبح على شفا الانهيار، لكن أخشى أن تنهار نفوس الناس؛ فهي الشيء الوحيد الذي لا يمكن ترميمه».

«يا ترى يا أبتاه، كيف ستذكرك الأيام؟ فماذا ستتناقل عنك الألسنة؟ وهل سيذكرونك كجنديّ جابه الشمس بصدر عارٍ حتى لا تغيب، أمْ كقائد استسلم، وتلقَّى طعنات الغدر، حتى لا تُسال دماء جنوده، أمْ كفارس هَرِم ألقى سيفه، وتخلَّى؟ سلامٌ لروحك».

«الفرسان التي تستسلم تلفظ الأرض أجسادهم».

إننا لم نتوارث الأرض، بل الأرض التي تتوارثنا؛ فإننا نبت هذا البلد، ولقد خُلقنا من رحم الرمال،

جرت المياه، وجرفت معها الأيام، وجفَّت مستنقعات الطين التي شابت القلوب في ذلك اليوم.

كأن عظامه تتآكل، ويشيخ أكثر كذلك، وشَعر رأسه الذي اشتعل شيبً

‫ الليلة ثقيلة ثقل فيل أبرهة، والنوافذ مُوصدة، حتى البوم المتناثر على الأشجار أخفى رأسه بين ريشه من البرد.

في لعبة القُمار، يمكنك أن تقامر بكل شيء مادي يحتمل أن يقبل تحويله إلى نقد: ساعات، وهواتف نقَّالة، وأشياء منقولة، حتى أثاث منزلك، بينما لا يمكنك أن تقامر بأرواح الناس؛ فهي الشيء الوحيد الذي لا يحتمل المكسب، أو الخسارة؛ بل الخسارة فقط.

«رياح قوية من رياحين يناير في أوج الشتاء، في الثانية من بعد منتصف الليل، ليل قمره أجوف بلا نور، وليل ظنَّ شاهدوه أن لا شموس بعده من كحالة ظلامه؛ حتى أعمدة الإنارة لا يجرؤ ضوؤها على اختراق أطيافه، فكانت الشوارع خالية من الناس؛ لكنها خانقة بزحام الذكريات التي حفته من كل جانب.

أنفس الناس ضاقت؛ بالرغم من اتساع العالم، كما ضاق الحوت على يونس، فبعضهم مهما كانت ديانته سار على درب الفطرة، واتَّجه إلى التسبيح، وعلَت أصوات الوعَّاظ لذلك، لكن الليل طال حتى وإن طلعت الشمس مرات ومرات، لكن مَن يملك مفاتيح النجاة؟

«أنا السجينة التي لم تُحرر بعد يا مهاب، التي قيَّدوها، وقيَّدوا أهلها في ماضيهم، أنا الفكرة التي ستتحرَّر قريبًا، أنا أرنيلا.

كانت الطعنة الأُولى السامة في الحياة، جرح غائر لم يُشفَ، وأقول هذا الكلام؛ على الرغم من أنني أستصغره الآن، لكن السُم كان قد استشرى، وتوحَّش في جسدي وفكري،

«أحيانًا يتطلب تحقيق العدالة شكلًا آخر من العقاب».

ورأيتُ فيها امتدادًا لظلِّي ينظر إليَّ، وكأنه مُكمم، ومُكبَل، وظلالهم كأنهم ذئاب تسيل لعابها على فريسة.

فإن كان لك نصيب في النجاة، فلن تخرج كما دخلت، فالحكايات المُدوَّنة على الحوائط الإسمنتية العتيقة ستكون بمنزلة أشباح تستوطن عقلك الباطن، وتجعل منه مرتعًا للولوج فيه؛ وستقرأ دُررًا وحِكمًا، وستسمع صرخات الذين مروا بهذا المكان، وستتلاعب بك وحدتك في ظلام ليس له قاع.