اقتباسات عصام الزيات

حين يصبح الندم مجرد شعور مهدر علي الأرض يستفيق السيد من غيبوبته التي أسقط نفسه فيها ليكتشف ما فاته من فرص لإصلاح ماأفسدته الحياة.

فضول المعزِّين عن تفاصيل الوفاة تضع الميت في دور البطولة، سيدعون له بالطبع ويواسون أبناءه، لكن القصة، المهم القصة.

أصرت نور أن تكون الشقة في شارع عمر بن عبدالعزيز. منطقة الاستاد أحدَث، والشقق بها أرحَب وأغلَى ثمنًا، لكنها أصرَّت أن تكون الشقة الجديدة في شارع عمر. تراه نور القلب الذي تتفرع منه شوارع طنطا كلها. وتؤمنُ بأن السكن في قلب طنطا يُوحي بأنها من أهل البلد، أما الاستاد والمناطق الجديدة تعني أنها مُحدثة الانتقال لطنطا.

‫ لكن بداخلها أرادت نور الهروب من كل ما هو ريفيّ؛ الزرع والناموس ومصارف المياه. تريد أن تنغرس في قلب الكُتل الخرسانية التي تحجب السماء عن طنطا كي تثبت أنها ابنة المدينة منذ الأزل.

‫ لم يدرك السيد أن حِرصها على اختيار أفضل شيء، وأغلى شيء، وكلِّ شيء، لم يكن سوى انغماسًا في تفاصيل الزواج، كي تنسَى الزَّوج.

لكنك لأول مرة تستخدمين الفاصلة. تنزهين اسمه عن كل ما يلحق به، كمال هو جملة قائمة بذاتها، كمال أصل الكلام ومبتدأه والمنعوت بكل ما يمكن أن يُقال.

ذكَّره الألمُ بألمٍ سابق. تستدعِي الآلام بعضها كأنها محفوظة في ملفٍّ واحد داخل المخ.

المحظوظون فقط من وصَل هبوطهم إلى خطٍّ مستقيم عند أي مسافة، لكنه استقر فاستقروا هم كذلك، علموا أن الذروة كانت حدثًا نادرًا لن يتكرر، وأن الهبوط مُستبعد، وعليهم أن يعيشوا على هذا الخط المستقر.

مشكلة الذروة أن ما بعدها لا يكون إلا الهبوط، ليس إلا الانحدار من الذروة إلى القاع.

الكلاب لا ترى قوس قزح، فلو أن كلبًا واحدًا فقط رآه، وأدرك أنه رأى ما لن يراه غيره، فستكون هذه اللحظة هي ذروة حياته، وسيعيش حياته يستعيد تلك اللحظة، يحكي عنها، يكرِّر تفاصيلها

ماذا لو أن الكلاب لا ترى قوس قزح

خفت المطر تدريجيًّا وسطعت الشمس وأحضرت معها قوس قزح هدية للواقفين خارج المكان.

لا عزيز لهما فيما يتعلق بالأشياء، أو البشر؛ يحبان التجديد لأجل التجديد

يفضِّل استمرار البيت حتى لو لم يكن هو جزءًا فيه أهون من هَدمه في محاولةٍ منه لإقحام نفسه في مركزه.

يقطع فلاش الكاميرات كلاحة أضواء النيون المتهالكة التي تضع المستشفى في حالٍ كئيبة لا هي مظلمة ولا مضاءة.

الوقت يخفف تأثير كل شيء.

كل فرد محور لعالمه، لكن عدم اكتراث الناس بهذا العالم يمحوه.

البيت لا تهدمه الجرافات، بل يهدمه تخلي صاحبه عنه، ولا يهزم الزمن أي شيء، بل تُهزم الأشياء بهجر أصحابها لها.

السيّد يعطي كل فرد قصته الخاصة، ويمنحه فردانيةً تجعله محورًا لعالم كامل.. كل فرد محور لعالمه، لكن عدم اكتراث الناس بذلك العالم يمحوه؛ لهذا حمل السيد على عاتِقه مهمة إعادة خلق تلك العوالم كي لا يتلاشى أصحابها.

فحين نُعيد القصَّ فإننا نحكي نسختنا الخاصة من القصة. تلاشت القصة لحظة حدوثها، وكل ما يحدث بعد ذلك ليس إلا نُسخًا شخصيةً للقصة الحقيقية، ولا نسخة منها تكون حقيقية.

لو كنتُ مكانه لمشيتُ ببطءٍ، هو حيٌّ حتى أعرف أنه ميت .