اقتباسات زينب قتشار

أخرجُ تاركةً عمرًا ورائي. من الدرج، إلى الحديقة، إلى الشارع. وكأنني أمرُ من عالمٍ إلى آخر.

‫ أضعُ “چنات” وبقية الفتيات في قلبي. فقد أتلاشى عن وجه الأرض في فراغ فقدان “دفنى” الهائل.

إن ظللتَ تكرر كذبةً لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فعاجلًا أم آجلًا ستقتنع بها. الكذبة التي تخلقها تخلقك، وتحوِّلك إليها، وتجعلك جزءًا منها. غير أن نقطةً في أعماقك تعلم الحقيقة يقينًا

إن أجمل شيء يحدثُ للنساء في هذه الدنيا هو التقدُّم في العمر فبعد سنٍ مُعيَّنٍ، يُرد إليكِ اعتبارك في حفلٍ تكريمي، تُقلَّدين فيه نجومًا على كتفك تحصلين على نجمة أولى في الأربعينيات من عمركِ هذا هو العِقد الأول الذي لن توبخي فيه بسهولة مطاطئة رأسك.

وأقمت حدادًا على نفسي وأمي. بنهاية اليوم الأربعين أدركتُ أن الحياة عبارةٌ عن مجموعة من الخيارات، وأنا من اخترتُ أسوأها.

يظن المرء دومًا أن الموت هو شيءٌ يحدث للآخرين عمى بشري عمى الظن أنه وكل من يحبهم لا يمسهم الموت ثم ذات يوم، في لحظة لا ننتظرها أبدًا – فمن قد ينتظر لحظة انتزاع الموت لأحد أحبائه - إذ بالدنيا تتوقف عن أن تصبح كما نعرفها . أدركت هذا مع موت أبي.

لم أعد مُحتاجةً لأيٍّ من التعبيرات باستطاعتي أن أعيش كل المشاعر بداخلي، دون أن يبدو على وجهي أي تغيير كما يجب أن يكون مثلًا، أبكي داخلي، فتنساب الدموع من عينيَّ إلى قلبي مثل نهرٍ تحت الأرض، بدلًا من أن تسيل على وجنتي.

نعتقدُ أن الحياة هي شيءٌ يحدثُ لنا، بينما الحياة هي فقط حالة من الوجود. هناك، وهنا، وفي كل مكان.

قد يستسلم الإنسان يائسًا، لكن الأمل وحشٌ ذو سبعة رؤوس، إن لم تستطع إخضاعه، وإن سحقت له ستة رؤوس، سينهض برأسه السابع ليقضي عليك.

إنه لأمر مؤلم جدًا كيف يصقل المرء جمودًا داخله مع الزمن كرد فعلٍ على الظلم

تثق ثقةً عمياء بكونك مُحصَّنًا بيد أنك ترى ما يحدث؛ بعض البشر يُصابون بالسرطان، وبعضهم تنهار بلادهم فوق رؤوسهم، وبعضهم يُغيِّب الموت أحباءهم، لكن هذا يحدث للتعساء فقط يحدث دومًا لأشخاصٍ آخرين أما أنت، فلن تشيخ، ستبقى مُحصنًا داخل فانوسٍ سحري

ينغمسُ المرء في غطرسةٍ غريبة، رغم أن الحياة تتمدد أمامه بخياراتها اللانهائية بوصفها مجهولًا عظيمًا لا حد له. في الواقع، ليست غطرسة، بل جهلًا. إنه جهلٌ أساسه عدم التفكير في إمكانية أن تصيبك أمورٌ سيئة.

كيف ينسى المرء أباه؟ كيف يتخلى عن حبه؟ كيف يتنفس في غيابه ويستمر في الحياة دون أن يبالي؟

يظنُ المرء أن احتياجه للآخر ينتهي عندما يُمضي أعوامًا طويلة وحيدًا، يظنُ أنه قد أصبح مكتفيًا بذاته، لكنه لا يكتفي، ولا ينتهي ذاك الاحتياج أبدًا.

أحتضن أمي. هذا ما تعنيه الأمومة إذن؛ أن تكوني أول من يهرول إلى طفلك ما إن يصيبه أيُّ خطب، مهما بلغ عمره.

هذا ما أفعله، وما ستفعلينه أنتِ أيضًا. ما يدور في عقلكِ وأنتِ راقدة في المساء ستمحينه من ذهنك تمامًا في الصباح إن اقتضت الحاجة. إنها الطريقة الوحيدة لتسير بنا الحياة يا ابنتي.

كنتُ أظن أنني تجاوزت الأمر بسهولة، لكن يبدو أنه ليس سهلًا بهذا القدر. قتلُ إنسان؛ ماذا عساي أن أقول عنه؟ القتلُ سهلٌ، أما الصعب فهو استيعابه.

ماذا سيحدث للكون عندما تفنى كل الأعين وتندثر؟ هل يمكن أن يستمر في الوجود طالما أن أحدًا لا يتأمله؟

فالشجاعة لا تعني عدم الخوف، بل تعني القدرة على فعل ما يُخيفك

أتأمل النجوم لساعات، إن تأمل نجمة دائمًا ما يعادل تأمل الماضي، هذا ما أفعله، وعندما أتأكد من أنني ضجرتُ بما يكفي، أخلد إلى النوم باكرًا بينما يخالطني شعور بالخجل خلَّفه فيَّ عجزي عن فعل أي شيء.

أنسيت يا حبيبي؟ أتحوَّلُ إلى امرأةٍ غير مرئية بمجرد أن أخطو خطوةً إلى الخارج، لأن لا أحد ينظر إليَّ.