- متى ستعلِّمينني أسرار العشب والمخلوط يا جدّة؟
- عندما تكبرين وتصبحين امرأة.
- ومتى أكبر وأصبح امرأة؟
ضحكت عبلاء وارتجّ جسدها، ضحكت حتى أدمعت، تذكّرت من كان في سابعته عندما سألها هذا السؤال، أحسّت في تلك اللحظة أن نهر الزمن يجري حولها مرّة ثانية، أدارت بصرها إلى وردة قائلة: - حين تقدّمين إلى الله قربان الدم كلّ شهر صمتت وردة تفكّر في كلمات عبلاء، ثم تنطق ببراءة:
- هل يقدّم الرجال أيضاً قرباناً إلى الله؟
زوت الجدّة ما بين حاجبيها، وأحدّت النظر في وجه الصغيرة، مندهشة من عقلها النشط كالطاحونة، تعتدل في جلستها قبالة وردة التي بدا الفضول يلمع في نظرتها إلى جدّتها:
- لا يا صغيرتي، نحن فقط من نقدّم هذا القربان كلّ شهر.
- إذاً، فالله يحبّنا دون الرجال! لكنّي سمعت الشيخ يقول إن أكثر أهل النار من النساء…
بدا الجِدُّ على وجه عبلاء، جفلت لبساطة السؤال وبراءة طفولته، ولم تجفل للسؤال نفسه، تتمتم لاعنة هذا الشيخ في جوفها، ثم تربّت على رأس وردة قائلة: - لم يقُل الله ذلك يا وردة، بل قالها رجل وردّدها من بعده كل الرجال. الله يحبّنا كما يحبّ كلّ مخلوقاته.
المؤلفون > مصطفى موسى
مصطفى موسى
05 مراجعة