اقتباسات مشهد العلاف

عاطفة الحب هذه عندها ليست واحدة من جملة أشياء أخرى، بل هي حضورها المستمر، هي في الحقيقة كينونتها وماهيتها. هذه الماهية عند المرأة هي نفسها القوة التي تحث حبيبها باستمرار أن يتكامل ويسمو بنفسه

كثيرًا ما يقع الالتباس بين الحب الذي هو رغبة النفس (وهو شعور يطالب بالإشباع، ويطالب بالأخذ مقابل العطاء، ويطالب بالتملك)، وبين حب الروح الذي يحصل على مستوى أعمق في كيان الإنسان ولا يطالب بالأخذ والكسب، بل يدعو للعطاء ويسمو بالإنسان إلى درجات الفضيلة والتذوق الجمالي والكمال.

"نحن نتخلى في الحب عن الهدوء، وعن حكمتنا الداخلية، ونهاجر بشكل مُضمر نحو الموضوع، وكونُ المرء مهاجرًا باستمرار، هو كونه محبًّا دائمًا

غائبة الشخص عن ناظري

‫وحاضرة في صميم الفؤادِ

‫ع

‫ليك السلام بقدر الشجون

‫ودمع الشؤون وقدر السهادِ

أصل لفظ الحب هو كلمة (amor) وهي مشتقة من الفعل (amo) التي تعني الأخذ أو القنص أو الأسر، لأن الذي يُحب يُكبَّل بأغلال الرغبة، ويصبو إلى الاستيلاء على الآخر من خلال شَرَكِه (أو صنَّارته مثل صائد السمك).

"العفَّة"، فلها نغمة أخلاقية ملؤها العنفوان وضبط النفس، وجميل هو فعل التعفف، والأجمل منه هو صفة التعفف التي يتحلى بها المحبّون.

قد يستخفُّ الناس ببعض المعاصي ويرون أنها من صغائر الذنوب، أو أنها من اللمم الذي يمكن بسهولة محوه بالاستغفار والعبادات، ولكن كثرة الصغائر مع عقد النيَّة والإصرار عليها قد يحولها إلى كبائر

لَا تَلُمْهَا عَلَى النِّفَار وَمَنْعِ الـ

‫وَصْلِ، مَا هَذَا لَهَا بِنَكِير

‫هَلْ يَكُونُ الهِلَالُ غَيْرَ بَعِيدٍ

‫أَوْ يَكُونُ الغَزَالُ غَيْرَ نَفُور؟

سلوٌّ تطبعي، قهر النفس، وهو المسمى بالتصبُّر، فترى المرء يُظهر التجلُّد وفي قلبه أشد لدغًا من وخَز الإشْفَى، ولكنه يرى بعضَ الشر أهونَ من بعض، أو يحاسب نفسه بحُجة لا تُصرف ولا تُكْسر. وهذا قسم لا يُذمُّ آتِيه، ولا يُلام فاعله، لأنه لا يحدُث إلا عن عظيمة، ولا يقع إلا عن فادحة، إما لسبب لا يَصبر على مثله الأحرار، وإما لخطب لا مردَّ له تجري به الأقدار. وكفاك من الموصوف به أنه ليس بناسٍ، لكنه ذاكر،

‫يَقُولُونَ: شَجَّكَ مَنْ هِمْتَ فِيهِ

‫فَقُلْتُ: لَعَمْرِي مَا شَجَّنِي

‫وَلَكِنْ أَحسَّ دَمِي قُرْبَهُ

‫فَطَارَ إِلَيْهِ وَلَمْ يَنْثَنِ

‫فَيَا قَاتِلِي ظَالِمًا مُحْسِنًا

‫فَدَيْتُكَ مِنْ ظَالِمٍ مُحْسِن

إِنْ كَانَ وَصْلُكَ لَيْسَ فِيهِ مَطْمَعٌ

‫وَالقُرْبُ مَمْنُوعٌ فَعِدْنِي وَاكْذِبِ

‫فَعَسَى التَّعَلُّلُ بِالْتِقَائِكَ مُمْسِكٌ

‫لِحَيَاةِ قَلْبٍ بِالصُّدُودِ مُعَذَّبِ

وَقالُوا: ارْتَحِلْ، فَلَعَلَّ السُّلُوَّ

‫يَكُونُ وَتَرْغَبُ أَنْ تَرْغَبَهْ

‫فَقُلْتُ: الرَّدَى لِي قَبْلَ السُّلُوِّ

‫وَمَنْ يَشْرَبُ السُّمَّ عَنْ تَجْربَهْ؟!

ثم بَيْن مَنْع من اللِّقاء، وتَحظير على المحبوب من أن يراه مُحبُّه، فهذا - ولو كان من تُحبُّه معك في دار واحدة - فهو بَينٌ؛ لأنه بائنٌ عنك

وَلَّى فَوَلَّى جَمِيلُ الصَّبْرِ يَتْبَعُهُ

‫وَصَرَّحَ الدَّمْعُ مَا تُخْفِيهِ أَضْلُعُهُ

ووجدتُني كلما ازددتُ دنوًّا ازددتُ ولوعًا، وقدحت زناد الشوق نار الوجد بين ضلوعي."

وإذا كانت المَحبة تحدث لأي سبب كان من الأسباب، فمن المحتّم أنها سوف تفنى وتنتهي بفناء سببها، فمن أحبَّك لأمر ولَّى حبه مع انقضائه.

"وأما استحسان الحُسن وتمكُّن الحب، فطَبع لا يُؤمر به ولا يُنهى عنه، إذ القلوب بيد مُقلبها."

‫ ابن حزم الأندلسي

إن أكبر جنون يمكن أن يرتكبه الإنسان هو أن يدع الإنسان نفسه يموت دون أن يقتله أحد، ودون أن يجهز عليه شيء غير الحزن