اقتباسات علي أحمد حجازي

من مادة ص د ق خرجت لنا المودة؛ فالمرء إن جالس صاحبه وأخبره بصدق محبته وردّ عليه الآخر فبادله الصدق بصدق والحب بحبٍّ جليل في الله يقال (تصادقا في الحديث وفي المودة).

﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَالله لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠)﴾ (آل عمران).

‫

أخبرنا الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ. قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً قالَ: إنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ».

بعْدَما قال لِعائشةَ، فأنْزَلَ اللهُ تعالَى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ الله﴾، أي: لا يَحلِفوا على ألَّا يُعطُوا أقاربَهم مِن أموالِهِم؛ لأنَّهم أساؤوا إليهم، ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لكم والله غفور رحيم

«وكانَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه يُنْفِقُ على مِسْطَحِ بنِ أُثاثةَ رَضيَ اللهُ عنه؛ لِقَرابَتِه منه، فأُمُّ مِسطَحٍ سَلْمى كانت بِنتَ خالةِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ، وكان مِسطَحٌ مِن الذين خاضُوا في القولِ بالإفكِ، فغَضِبَ وقال: واللهِ لا أُنْفِقُ على مِسْطَحٍ شيئًا أبدًا

قال الله عز وجل ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)﴾ (آل عمران)، وفي هذا قصة جميلة علينا أن نعيشها ونرويها كأننا نراها، فإن أبو طلحة الأنصاري كان أكثر الأنصار بالمدينة ...

﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)﴾. ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دون الله و ما كان منتصرا

قوله سبحانه وتعالى عبرة ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦)﴾ (النحل) وكما أخبرنا النبي ﷺ «يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنانِ ويَبْقَى معهُ واحِدٌ: يَتْبَعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أهْلُهُ ومالُهُ، ويَبْقَى عمله

فقال النبي ﷺ مُعلّمًا ومُفهّمًا «بقي كلها غير كتفها».

أمنا عائشة رضي الله عنها تخبرنا-أي آل بيت النبي ﷺ- جمعنا الله بهم في الجنة وغفر لنا تقصيرنا- فسأل النبي ﷺ «ما بقي منها؟» أي ما الذي تبقى منها ولم يخرج صدقة؟ فردّت السيدة عائشة -رضي الله عنها- «ما بقي منها إلا كتفها» فقال النبي

فقال الله تعالى ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَالله يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨)﴾ (البقرة) ‫ وعد الشيطان تخويف، ووعد الله طمأنينة ‫ والجميل أن رسول الله فهّمنا أن هذا الجنيه الذي تتصدق به ليس هو الذي ...

تعالى ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)﴾ (البقرة) ‫ يمدح الله هذه الفئة من الناس الذين يعطون من أموالهم في أبواب الخير

«لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وادٍ مالًا لَأَحَبَّ أنَّ له إلَيْهِ مِثْلَهُ، ولا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، ويَتُوبُ الله علَى مَن تابَ».

﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالله عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)﴾ (آل عمران)، ولو سألته أتحب المال؟ فمن الصعوبة أن تجد إجابة بالنفي، فيودّ ابن آدم كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..

﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)﴾ (البقرة)، فهذه من رحمات الله عليك، وعلى عمرك القصير، وعلى دنياك الفانية سريعة الانقضاء،

(٧٤) أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٧٦)﴾ (الفرقان) ‫*** ‫ من مادة ص د ق نصل إلى الصدقة، وهي محطتنا الأخيرة في خطوات المعافاة من آثار الحزن وعدم تعاطي أسبابه .

وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى الله مَتَابًا (٧١) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أعينٍ واجعلنا للمتقين إماما

وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا (٦٧) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

اقرأ في صفة عباد الله ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا

وفارق من عُلِم نفاقه بين العامة ولو حوى جميع علوم الدين والدنيا، فما العلم إن لم يتق العبد ربه؟! ‫ أو كما قال ﷺ «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ» فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.