المؤلفون > محمد الحرز

محمد الحرز

3.8 معدل التقييمات
02 مراجعة

اقتباسات محمد الحرز

‫ لم أفطنْ كثيراً للإشاراتِ التي تُرسلُها لي الحياةُ، إشاراتٌ غريبةٌ، فجأةً تظهرُ، وبالسرعةِ ذاتِها تختفي، تدهسُ ظِلّي، وأنا أمشي في الشارعِ، فيتعثّرُ بأفكاري، وأقولُ: في المرَّةِ القادمةِ، ينبغي أن أضعَ حجارةً أثقلَ وأكبرَ، حتّى لا تنزلقَ من رأسي، ولا أضطرّ معها إلى رَفْعِ الشارعِ عن الأرضِ، وتضميدِ جراحِهِ. ربّما في هذا الأثناءِ، لا أنتبهُ لهذا التزامنِ بين الدهسةِ والتّعثّر. هذا التوافقُ بينهما، هي ما تقولُهُ الحياةُ لأحدِنا، هي الفجوةُ الصغيرةُ في جدارِ الوقتِ، تنفذُ منها مثلَ تلك الإشاراتِ وكأنّها أشباحٌ. الشّقيُّ مَنْ سَنَّ أصابعَهُ مثلَ مبردٍ، وربَّاها على التقاطِ أصغرِ الأشياءِ، مَنْ تركَ عينَيْهِ تتدحرجان على جُدرانِ أيّامِهِ، ولم يمنعْهَا من الارتطامِ، مَنْ درّبَ رائحتَهُ على النفاذِ إلى بُيُوتِ النملِ دون أن يصيبَها خدشٌ أو ضيقُ تنفُّس. الشّقيّ هو هذا، حين يكمنُ خلفَ الفجوةِ الصغيرةِ، رافعاً قنديلَ تأويلِهِ فوقَ رُؤُوسِ العابرينَ، يتفرّسُ وجهَ كلِّ معنى، قبلَ أن يدخلَ من البابِ الكبيرِ، إلى كلماتِ حياتِهِ. الشّقيّ مثلي الآن عندما أكتبُ هذا الكلامَ، فلا أستطيعُ أن أكسرَ القنديلَ، ولا أن أسدَّ الفجوةَ، ولا أن أدعَ الشارعَ يموتُ من جُرحِهِ. يا اللهُ … يا اللهُ … لماذا أنتَ هكذا، كلّما رميتُ سنّارتي؛ لأصطادَ البحر، وأُخليه من إشاراتي، أرسلتَ لي الحوتَ، ليبتلعَ طعمي ثانية؟!

مشاركة من إبراهيم عادل
كل الاقتباسات
  • كتب محمد الحرز

    2