الموت يزور غرفتي فجراً
نبذة عن الكتاب
ككل أبناء قريتنا أعدل الحذاء المقلوب، ولا أمْرٌ من المقابر بعد المغرب، ولا أقترب من الترعة ليلًا. ككل قريتنا مؤمن بأن هناك من يراقبنا وينتظر اللحظة لينقَض عليَّ، لن يقتلني ولكنه سيدفعني إلى قتل نفسي. "الجن يعيش بيننا ويقتات على عيوبنا"، تقول امي، فترد خالتي بتوتر: "ما عفريت إلا بني آدم"، فينهي جَدي الجدل بأن الجن مذكور في القرآن فلا تنكروه، واحرصوا منه. بصمت الجميع، لكن خالتي تسرق لحظة فترسل إليَّ غمزة، أفهم منها أن كل هذا هراء. كان هذا كله قبل أن تبدأ حكاية خالتي. سمعت أمي تهمس لجدي بأن الوضع لم يعد يتحمل السكوت، "البنت هتضيع منّا"، فانتفض جدي دون أن يرد عليها. في المساء حضر الشيخ حسن، رجل في السبعين، ضخم الهيئة، لا شيء في ملامحه يدل على أنه شيخ. عيناه ضيقتان، شفتاه سوداوان من شرب الدخان، حاوي يسرق العيون بحركة من يد واحدة، مخاوي يتحدث إلى أشياء لا نراها، تلتف القطط حوله حيثما جلس، وتخشى النساء دخوله الدار، ويهابه الرجال في أي مجلس، لا يتحدث كثيرًا وأغلب كلامه لا نفهمه. إذا رأيناه (نحن الأطفال) في شارع، نهرب كأن كلبًا مسعورًا يجري وراءنا. يقولون إنه متزوج ب"جنيّة" تخدمه خدمة الزوجة في النوم والمعيشة. قبل أن يحضر الشيخ حسن إلى دار جدي، لاحظت توتر خالتي، وضاق خلقها. تزعق لأتفه الأسباب، شحبَ وجهها وتبدلت ملامحها، اتسعت حدقة عينيها، واستدار وجهها. تمتم الشيخ حسن على باب الدار، فارتعدت خالتي وانكمشت في زاوية من الحجرة. ماذا لو انفتح هذا الجدار وابتلعنا أنا وهي وهربنا من لقاء هذا الرجل! زعق جدي على خالتي فشدتها أمي وأدخلتها المندرة، صرخت أول ما رأت وجه الشيخ حسن، وخارت قواها، تمددت على الأرض في مواجهة الشيخ حسن، فوضع يده على رأسها، وبحدة سأل: - إنت منين يا ملعون؟التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2025
- 96 صفحة
- [ردمك 13] 9789778880328
- دار المرايا
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
33 مشاركة