على بوابة الليمان
تأليف
أميرة بهي الدين
(تأليف)
هي عجوزٌ في التسعينَ من عُمرِها، كومةٌ من العظامِ المُفَتَّتَةِ تحت الجلدِ المُشَقَّق، وبينهما بعضُ نَثَراتٍ من لحمٍ وشبكةِ أعصابٍ تَحتَرِق. تصرخ وتصرخ، تتأوَّه وتتوجَّع وتستغيث: «حرامٌ عليكم، حرامٌ عليكم»… تُلوِّح بذراعيها الضعيفتين، وكأنها تُبعِد وحوشًا تنهش في أعصابِها وتُشعِل فيها الألمَ دَفَقاتٍ مُتلاحقة، وكأنها موصولةٌ ببرجِ كهرباءِ الضغط العالي، تتأوَّه وتتوجَّع وتستغيث: «حرامٌ عليكم، حرامٌ عليكم»، تستجدي وحوشَ الألمِ الناهشةَ أن ترحل عن بدنِها الهشِّ، تستجديها أن ترحمها، تُلوِّح بذراعيها حزينةً متوجِّعةً وحيدةً وكأنها تتمنى أن تقبض على كفٍّ حانيةٍ تُشعِرها ببعض حنانِ الإنسانيةِ في تلك اللحظاتِ الصعبة.