على كثرة ما كتب في علم المصريات بمختلف اللغات منذ بداية القرن التاسع عشر و إلى وقتنا الحالي فإن ما كتب عن علم المصريات نفسه تاريخه و نظرياته و تطبيقه قليل جدا بل نادر
و هذا ما يعطي هذا الكتاب أهميته بدءا من عتيته الأولى أو عنوانه و موضوع بحثه ، و بإضافة حقيقة أن الكاتبة باحثة و أكاديمية مصرية متخصصة يصبح الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة التاريخية و الحضارية المصرية
لأول مرة على حد علمي يجرؤ كتاب مصري متخصص على كسر تابوهات و أوثان الفضل الأوربي و الغربي على تاريخ علم المصريات القديم و الحديث ، و فضح حقيقة أهداف و دوافع الشغف الغربي بالأثار و الحضارة المصرية و بدون أن يتحول الكتاب إلى بكائية طويلة على الأثار المنهوبة ، فإنه يقدم تحليلا أعمق للبواعث الغربية المادية و السياسية و الحضارية و الفلسفية لهذا الاهتمام
و بمشرط جراح لا تكتفي الباحثة بالولولة على جرائم الغرب في حقنا بل تقوم بحالة واعية من النقد الذاتي و المراجعة للتاريخ القصير نسبيا لعلاقة المصريين أنفسهم بأثارهم أو كما أسمته هي ( علم المصريات المصري )
الكتاب بداية موفقة جدا لمبحث ينبغي أن يصبح قِبلة دارسي و باحثي علم المصريات ( و بخاصة المصريين منهم ) في السنوات القادمة إن أردنا لهذا العلم أم يتطور بما ينبغي حتى تتطور علاقة المصريين بهويتهم و فهمهم لذواتهم و الا بقى هذا العلم مجرد زينة متحفية لمحبي الأشياء القديمة و حسب
كنت أتمنى أن يكون الكتاب أسهل قي القراءة و الهضم لغير المتخصصين و لكنه جاء دسما و متخصصا ربما أكثر من اللازم في أكثر من موضع و بخاصة فيما يخص القسم الثاني منه الذي أسهب في حديثه عن الفلسفات و النظريات الفكرية الأوربية حتى أن حتى بعض المتخصصين في المصريات قد لا يجدوا قراءة هذا الجزء سهلا مالم يكونوا على دراية خاصة أو شغف كبير بالقراءات الفلسفية
و هذا لا يقلل أبدا من قيمة الكتاب الفريد و البالغ الأهمية للمكتبة العربية عموما و الأثرية المصرية بصفة شديدة الخصوصية