"الألم! ألا أنه لهو السبب الوحيد للشعور، والعلة الوحيدة للوعي!"
هذه الرواية حيرتني وأربكتني.. هناك شيئاً ما ناقص، سعي للكمال تشعر أنك تنشده.. ولكنك لا تعرف كيف ستصل إليه؟
تنقسم الرواية إلى جزئين.. الجزء الاول:
وذلك الجزء ستشعر أنه مقالات فلسفية سرمدية يتكلم فيها البطل عن وجهة نظره في الحياة بأشكالها المُختلفة.. ورغم الملل المستشري في ذلك الجزء، ولكنك ستجد نفسك مُنبهراً بتلك الصور التي يرسمها "دوستويفسكي" للحياة.. صوراً لن تقرأ مثلها من قبل، يتخللها الهذيان والجنون.. والألم.. ولعن الله الألم ومُسبباته في كُل مكان وزمان.
"كُنت قد بلغت من الانسحاق والتحطم أنني أصبحت مُستعداً لكل شيء، حتى للانتحار، في سبيل أن أفرغ من هذا الأمر.."
أما القسم الثاني فنكون مع حكاية مؤلمة أيضاً.. صديقي أنت تقرأ لـ"دوستويفسكي"، لا تتوقع أن تجد هُنا الحياة الوردية والأمل والسعادة.. أنسى ذلك من فضلك.
بطل الحكاية صاحب الآراء المجنونة في القسم الأول يُحاول أن يعيش كفرد عادي في المجتمع، هو يُعرف نفسه أنه الشر مُجسداً.. الدناءة والحقارة تجري في دمه.. والأهم من ذلك أنه يرى نفسه فوق الجميع.. ذلك الوعي الناتج عن ألمه جعله يرى الجميع بدونية.. حتى أن الذين من المُفترض أصدقاءه ومعارفه كانوا يسخرون منه بسبب أفكاره وكلامه الذين لا يفهمون منه شيئاً!
ذلك الشخص المُرتبك الخائف كصرصار في وجه العاصفة.. يستلذ بأن يجعل فتاة تكره الحياة، يستلذ بأن يهدم نظراتها الوردية نحو الحياة ويحولها إلى نظرات تشاؤمية. ولكنه خلف ذلك الإنسان الدنيء.. يوجد شخص لطيف مذعور للغاية، حوله الألم إلى شخص بتلك الدمامة!.. حتى "ليزا" التي رُبما كانت أملاً في حياة أفضل، أو على الأقل حياة تُطاق.. أبعدها، وبكى على فراقها.. الحياة سخيفة للغاية، أليس كذلك؟
ختاماً..
في الحقيقة وبعد القسم الأول شعرت أن هذه الرواية ستنال نجمة واحدة.. ولكن القسم الثاني رفع التقييم كثيراً وكان مليء بالمشاعر والأفكار وكالعادة تشريح النفس البشرية.. لذلك الجراح البارع والمُتخصص فيها؛ دوستويفسكي.
