مسيرة لا تنتهي 3
تأليف
نصري الصايغ
(تأليف)
كان علي أن أنتمي، ما حولي ركام يخلف ركاماً، أضيع بين خطوة وخطوة. لا أعرف إلى أين.
صرت صديقاً للمادة. أبتعد رويداً عن مطارح الروح. كان ذلك مساراً سهلاً لأنه يؤدي إلى حب كبير، هو حب الحياة، ليس حياتي فقط، بل حياة الإنسان والطبيعة والجمال. مؤهلاتي المعرفية جنيتها سراً من كتب ممنوعة ومن شهوات مكتومة، ومخيلة جموح تصل إلى تخوم السماء. كم كانت أحلامي الصغيرة جميلة. ثم كانت حماقاتي تؤسس لمسيرتي. أعني بلغت فيها حدود وتخوم الأنا. سهرت على الأنا وانتميت إلى الإنسان. لا وجود أرقى وأقرب إليَّ من الإنسان. وهكذا كانت هويتي الأولى: الانتماء إلى الحياة. الحياة هي البداية بلا نهايات. ليس حياتي بل حياة الآخرين، الذين مضوا إلى التاريخ، والذين انخرطوا في التاريخ، والذين يشرفون على كتابة تاريخ إنساني، بكل آلامه وجراحه وكل إبداعاته وأفراحه. إنها الإقامة في الحياة. لا شيء أبداً عندي، يوازي الحياة. وممنوع على العدم أن يفوز، لأن الحياة إله يتجدد وهي في صراع دائم مع الموت. من هنا لا أعود موجوداً. الموت هو خاتمة حتمية للحياة. فكنت أعتني بها من دون أن ألتفت إلى نهايتها. أنا من ماضي الحياة، وحاضر ومستقبل إلى ما لا نهاية.