مسيرة لا تنتهي 2
تأليف
نصري الصايغ
(تأليف)
"لغة الجسد والجنس لكل شاعر لغته. أما لغتي، فهي لغات من ينابيع لا تعد. عندما حاولت العبور إلى الجسد، اخترت أن أذهب إليه بمفاتيحه. لا يمكن الدخول إلى عالم إلا بلغته. تتعلم الإنكليزية لتدخل عالمها وتفهمها وتتفاعل معها. تتعلم لغة الحب لتبث مشاعرك. لغتي أظهرت مفرداتها من تفاصيل الجسد. ليس في الجسد مكان حرام. لغة الجسد حساسة، وقد استطعت أن أوائم بين الجسد ولغته، فلم أقع في الابتذال، ولا في التكرار، ولا في الإباحة. اخترعت شيفرة شعرية لمخاطبة الجسد والتفاعل معه كأنه قداس واحتفال وانخطاف أو انسياب. نعم كان لي مفرداتي التي استللتها من مقام الدين ومقام الفلسفة، ومقامات العارفين والمتصوفة. وقد أعانتني هذه اللغة لبلوغ الحدود القصوى من اللذائذ، لأصل إلى حال الانخطاف. لا أعرف، لماذا أهين الجنس تاريخياً، الآلهة القدامى أبدعوا العالم بعمل جنسي، وكان عملهم جميلاً، آدم وحواء أبدعانا من جنس. فهذا المبارك جداً، قبض عليه رجال الإكليروس والكهان، والديانون، ولوثوه بالقمع والحرمان، وقبضت عليه السلطة المالية والسياسية، وعهرته. هذا الذي يتحدثون عنه بلغة التابو، ليس من طبيعة الجنس البشري. نحن لسنا حيوانات، هذا الجنس البشري. هذا الجنس مطهرنا اللذيذ، يطهرنا من آثامنا وبشاعاتنا، بقدر ما يكون رضيعاً للحب ومتآلفاً مع إيقاعه.
عندما كتبت هذه القصائد، كنت أنتمي بعمق إلى هذا الجوهر الإنساني الذي سمّوه غريزة، ودعوه حراماً، وسوقوه سلعة. وفي الوقت نفسه، كنت أتعاطى مع الجسد على أنه «قدوس» ومع الروح كخادمة لهذا الجسد «القدوس». وكما لكل موضوع لغته، كان للجنس عندي لغته، إنما هي منه، وليست من جنس لا يشبهه. من جنس في حال البراءة والقداسة والشعر."