مسيرة لا تنتهي 4
تأليف
نصري الصايغ
(تأليف)
لأنني كنت ضعيفًا، وجدت نفسي منحازًا إلى الضعفاء. خذلني الزمن، كنت موعودًا بحب ما، لكنني وُلدت في بيت منهك، حيث كان الجوع رفيقي، والشبع أمنية بعيدة. لم يكن العالم من حولي مقنعًا، فقد رأيت توحش الأثرياء وهشاشة الفقراء. لم يكن بمقدور أحد أن يحررني من الحاجة، أو أن يمنحني فرصة لأن أكون ولدًا أو شابًا يعيش بكرامة. كان الاعتراف بي كإنسان معركة صعبة، لكنني خضتها مبكرًا، فانتميت إلى الإنسانية، ورأيت في ذلك مشقة الالتزام، لكنه التزام يشبه الحب والدفء والقناعة. كان طموحي بسيطًا لكنه عظيم: أن أكون أنا، بلا قناع أو تزوير.
جاءني القلم في وقت مبكر، فتعلقت بحروفه ووهبت له ذاتي. كان نذري منذ الطفولة أن أكون صادقًا مع نفسي، وألّا أكون سوى ذاتي. هذا ما قادني إلى انتقاء مساري، إلى الإيمان بالحياة كعقيدة. منذ الصغر، كنت مأخوذًا بتأمل الحياة والاستمتاع بها، لكنني سرعان ما اكتشفت أن ذلك حلم بعيد المنال. الحياة قاسية، تمتحننا بمرارتها، والعالم يعبث بها حتى يكاد يحيلها إلى جحيم. كنت أحد ضحايا هذا الألم، أحب الحياة، لكن الوصول إليها كان صعبًا، فقد بدا لي أن هذا العالم غير جدير بها، يقف على حافة هلاكه. وهكذا، وجدت نفسي تلميذًا في مدرسة المأساة الإنسانية، أتدرج في فهمها، وأحملها في كلماتي.
تعكس كتبي انحيازي الدائم: مع الضعفاء في مواجهة الأقوياء، رغم أنني لم أكن قويًا يومًا. كنت هشًا، سريع الإحباط، تساءلت كثيرًا: كيف أنتمي إلى الضعفاء وأنا أعاني من هشاشتي؟ لكنني وجدت طريقي في خضم المعاناة، حيث للفقر معانٍ، وللظلم مذاهب. أُغلقت الأبواب في وجهي مرارًا، لكنني كنت مرشحًا منذ البداية لأبقى في جادة الألم، وأحمل قلمي سلاحًا للتعبير عنه.