❞ إنَّ الكتبَ كائناتٌ مُركَّبة، والأسطرُ التي أربكتْنا نحن القرَّاءَ بعمقٍ هي ذروةُ الزلزال الذي أحدثَهُ النصُّ في قلب القارئ منذ الصفحات الأولى: فإمَّا أن نُحدِّدَ موقعَ الفالق، ونصبحَ نحن الفالق، أو تختفي الكلماتُ التي خِلناها مكتوبةً من أجلنا. وفي حال استعدناها بدت لنا سخيفة، مثل عبارةٍ شائعةٍ ومُبتَذلةٍ ❝
❞ الطفولة مصنع أكاذيب، تدوم بالماضي المستمرّ. الماضي المستمرُّ هو زمن القصص والحكايات. كم يدوم؟ إلى ما لا نهاية؟ ❝
إن إيلينا أو أيا ما كان اسمها لا يهم،إنها تخاطب المشاعر بطريقة بالغة الصدق والحميمية؛تصف حالي عندما أقابل كتاباً للمرة الأولى،منذ الصفحة الأولى أو الكلمة الأولى أشعر بزلزال كما تقول يهزني هزاً أو عاصفة تنتشلني انتشالاً من مكاني لتتركني في النهاية بوضع مريع لمفارقتي إياه والابتعاد عن تفاصيله التي سكنتني دون أن أشعر إلا عند الانتهاء منه،إيلينا مذهلة وأحب شجاعتها في عدم الوقوف لتلقي المديح أو الجوائز التي تستحق،إنها تشبع نهمها للكتابة فقط ولا تلتفت يمنة أو يساراً كي لا تتعطل عن طريقها الذي رسمته في خيالها،صاحبة هدف لا تحيد عنه تحت وطأة بريق الشهرة الذي كلنا نتمناه أو نود إشباع طمعنا البشري من خلاله...
إنني حقاً أغبطها على معانيها المسددَة لصميم أرواحنا الهشة لتعري فينا ضعفنا أو ذكرياتنا الخانقة لوجودنا،طفولتنا التي تحلق حولنا في كل موقف يقابلنا نستحضرها أمامنا،فما شخصياتنا الآنية إلا نتاج أحداث طفولتنا المارقة سهواً أو الساقطة عمداً بين أحرفنا والمترجمة لأفعالناسواء بالإيجاب أو بالسلب.
❞ كيف / متى تفرض الكتابة نفسها؟
فيرَّانتي: كيف؟ برفق. متى؟ عندما لا تشعرين بالتعب من العثور على الكلمات. ❝
فرانتوماليا الكلمات المبعثرة التي تتحول بفضل مهارة أي كاتب إلى عقد من حبات اللؤلؤ الفاخر والذي لا يقدر قيمته إلا القارئ العاشق،في كل سؤال يُوجه إلى إيلينا تستشعر حجم الحب الكبير الراسخ في قلبها تجاه الكتابة،إنها تتخلى عن كل شئ في سبيل قضيتها التي تتنفس من أجلها،يعجبني ثقتها الشديدة بنفسها إلى درجة التنصل من اسمها الحقيقي،تشريحها البالغ الدقة لنوازع النفس البشرية وخاصة معرفتها بأدق تفاصيل المرأة..أكاد في كل جزئية تتناولها بالشرح والإسهاب تجاه تصرفنا في بعض المواقف الخاصة،أجدني أكاد أصرخ كيف تمكنت من التعبير عني بتلك الصورة؟هل تعرفني سابقاً؟أظنني حينها فهمت أنها من طراز فريد من الكاتبات نادراً ما يتكرر.
أشارت إيلينا أيضاً إلى الحب كعامل وثيق لنهضة أي شعب وشيوع التضامن والتراحم بين أفراده،تحدثت باستفاضة عن أثر الحب لبناء الأمم وألمحت في سياق ذلك أسطورة الملكة ديدون وحكمها لمدينة قرطاج كما ورد في شِعر فيرجيل وكيف استطاعت أن تجعلها مدينة قوية شامخة بسبب الحب الذي كان يتدفق في قلبها لكن ما إن بدأ شعور الكراهية يتغلغل في شرايينها حتى انتفضت وأطلقت صيحتها الشهيرة"لا محبة بين الشعوب،ولا مواثيق"لتعلن الحرب بسبب هروب الحب من قلبها وهكذا يتبين لنا أن الحروب ما هي إلا مخاض لشعور البغض والكراهية.