رقابة مجلس صيانة الدستور على القوانين في إيران
تأليف
لونا سعيد فرحات
(تأليف)
اختار الشعب الإيراني عشية انتصار الثورة باستفتاء شعبي، نظام الجمهورية الإسلامية كإطار لنوع الحكومة والسلطة في إيران. فجاء الدستور الجديد مستنداً على الأسس والمعايير الإسلامية الثابتة ليعكس الرؤية الإسلامية للنظام الجديد. تمخض عن ذلك ضرورة أن يكون كل ما يصدر عن الدولة ويُنفذ مراعياً للمعايير والموازين الإسلامية وفقاً لدستور البلاد، وهو ما حتّم وجود مؤسسة دستورية تراقب انطباق القوانين واللوائح والأحكام القضائية وغير ذلك من قرارات وأوامر تُنظم جميع شؤون المجتمع وفق المعايير الإسلامية. فالرقابة الدستورية في إيران لا تتعلق فقط بمراقبة مدى انطباق القوانين على الدستور فحسب، بل تمتد لتشمل مراقبة مدى انطباق مشاريع القوانين وعدم تعارضها مع الموازين الإسلامية، فهي رقابة ثنائية التركيب يمارسها «مجلس صيانة الدستور» الذي يُعرف بالفارسية باسم «شوراى نگهبان»، المجلس الحارس أي حارس الدستور، وبالإنجليزية The Guardian Council.
ما يميز النظام الرقابي في إيران عن غيره من الأنظمة الرقابية الدستورية أن الرقابة الشرعية والقانونية على القوانين التي يمارسها مجلس صيانة الدستور هي جزء لا يتجزأ من العملية التشريعية ذاتها وهي رقابة وجوبية سابقة على صدور القانون. لذا، يعتبر مجلس صيانة الدستور ظاهرة فريدة من نوعها في الأنظمة الدستورية المعاصرة بل فريدة من نوعها في الدول التي تنص دساتيرها على أن الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع وأن دين الدولة الإسلام. ما يقوم به مجلس صيانة الدستور لناحية مراقبته الشرعية على القوانين هو عملية تقنين للشريعة الإسلامية على أساس ما هو ثابت أولاً من أحكام ومعايير متفق عليها وليست محل خلاف، وثانياً، حرية في استنباط أحكام جديدة شرعية تواكب تطور المجتمع ومصلحته العامة. لقد عرف مجلس صيانة الدستور ومنذ نشأته إلى اليوم تحديات كبيرة ولكنه سعى إلى مواجهتها بتطوير آلياته. فعمل المجلس الرقابي هو مواكب لحركة المجتمع وليس معيقاً لها وهي مواكبة نابعة من أن الشرع الإسلامي يستوعب المتغيرات المجتمعية ضمن معايير وأطر عامة ثابتة.
يطمح هذا الكتاب إلى تقديم ما ينفع للقارئ العربي المتخصص في الدراسات الدستورية المقارنة ورفد المكتبة القانونية العربية بإضافة، علّها تكون لبنة من لبنات تعزيز الدراسات القانونية العربية - الإيرانية.