مشاهد الممالك (الجزء الأول)
تأليف
إدوار إلياس
(تأليف)
من عادات الغربيين الحميدة أن سُيَّاحهم وسائحاتهم لا يقتصرون على اللهو والنزهة في رحلاتهم، بل إنهم يضيفون الفائدة العلمية والتاريخية إلى ذلك. ولهذه الفائدة لذة خاصة بها لا يدركها إلا مَنْ نالها؛ فهي لا تقل عن لذة التنزُّه وتسريح النظر في طلاوة الجديد. وهؤلاء ضيوف مصر من الإفرنج نراهم بين ظهرانينا في شتاء كلِّ سنة، الواحد منهم لا يكاد يخرج من فندقه إلا متأبِّطًا كتاب دليل مصر يستطلع منه شأن ما يزوره من آثار ومعالم هذه الديار كالأهرام وأبي الهول والقلعة وبعض المساجد الأثرية وسواها. وقد يسترسل في البحث والسؤال والتنقيب بحيث يرجع من زيارته مزوَّدًا من المعلومات عن نفائسنا ومفاخرنا وهو لم يستغرق من الزمان إلا أيامًا معدودة. مع أن الشرقيين قد يشبُّون ويشيبون في بلادهم وهم لا يعرفون عنها شيئًا يستحقُّ الذكر، وإن ذهبوا إلى البلاد الأجنبية فلا يقرنون النُّزْهة بطلب الفائدة.