تدور أحداث رواية "ساعة نوح" في تونس، من خلال مركزية شخصية "بلقاسم غيفارا" الحالم الذي يريد تغيير العالم، ويظن أنه يملك المقومات لذلك، وتتشابك حياته مع "أولغا" الأوكرانية التي هربت من ويلات الحرب إلى تونس بعدما هجرته مرة منذ سنوات، ولكنه لا يزال يحلم بها، ويراسلها دون كلل، حتى تعود إليه في أحد الأيام ليكتشفا أن حكايتهم متشابكة أكثر مما يتخيلان، ويعود التاريخ الشخصي بينهم إلى أجدادهم، أو هكذا يدعي "بلقاسم"، وعندما نتحدث عن شخصية "بلقاسم" فبكل تأكيد هي واحدة من أكثر الشخصيات التي ستنجح في استفزازك وجعلك تُريد صفعه ليستيقظ من تلك الأحلام التي يعيش فيها والتي تصل إلى درجة الخبل. يحاول تضخيم قدرته وتأثيره الذي يظن أنه قوي كفاية حتى يُغير تونس أولاً وبقية العالم بالتبعية، تلك الأوهام التي يعيشها لا تتوقف عند ذلك بل تتمادى وتتفجر عند حدثاً بعينه، فيصل إلى الحد غير المُمكن السيطرة عليه، فيختلط خياله بواقعه. يُحاول تكبير وتعظيم جده القزم، سيرة وموضوعاً، ولكن عندما يجد أنه لا طريق صالح لذلك، بل ومع قدوم وشيك لحدثاً ما سيُدنس تلك السيرة التي يُحاول تفخيمها للأبد، هنا يزداد الجنون، ويأخذه إلى طرقاً لا عودة منها.
التجربة الأولى للكاتب التونسي "سفيان رجب" وبكل تأكيد كانت ممتعة على نواح متعددة، فالسرد خفيف والتنقل بين الشخصيتين ورمزياتهم المُتشابكة كان سلساً، الفصول قصيرة مما يسهل عملية متابعة القراءة، وكل شخصية نغوص في أبعاد أفكارها إلى الأقصى، وقد يتبادر إلى ذهنك إنها قصة حب تقليدية بين الشرق والغرب والمفارقات بينهما، ولكنهما تمتد إلى أعمق من ذلك، وأوسع من ذلك بكل تأكيد، في أحد مراحل الرواية هناك رواية بداخل الرواية، وبصراحة وجدتها أكثر جودة من الرواية الأصلية نفسها رغم قصرها، مما رفع شأن الرواية إجمالاً وجعلها ممتعة في أغلب أجزائها.
ختاماً..
إنها رواية عن الأوهام والضلالات التي تنتاب الفرد داخل مجتمع مليء بالسياسات الفاشلة، تأخذنا إلى أحد مدن تونس الساحلية لنعيش هناك حكاية يتخلط فيها الرمل بالثلج، رواية تحمل الكثير في طياتها من الجنون والفلسفة والتقلبات، وبكل تأكيد ستجعلني أقرأ أكثر لسفيان رجب.
3.5/5