خطاب الحداثة: دراسة ثقافية لمشروع الحداثة الشعرية في العراق - الجزء الثاني
تأليف
كريم شغيدل
(تأليف)
قدمنا في الجزء الأول من هذا الكتاب ما تيسر لنا من البحث النظري الذي لم يبتعد كثيراً عن صلب موضوعنا، إذ حاولنا الربط بين المفاهيم والظواهر وإشكالياتها من جهة وبين السياقات الثقافية التي ولدت تحت ظلالها تجربة الحداثة الشعرية من جهة ثانية، منطلقين من كون التجربة واقعة ثقافية لم يقتصر تأثيرها على النخبة المعنية بالشعر، بل زعزعت ثوابت عامة في الذائقة عند عامة الناس، وانسحب تأثيرها على مختلف المفاصل الحياتية التي وقعت تحت تأثيرات التأسيس للدولة الحديثة التي هي بالضرورة من نتاجات الحداثة، إذ وجدت المجتمعات العربية نفسها في خضم منظومة جديدة، تتعلق بعلاقاتها الاجتماعية، وعلاقاتها بالدولة بوصفها منظومة مؤسسات، أي في طور الانتقال من منظومة المجتمعات الأهلية إلى المدنية، من مفهوم الولاء إلى مفهوم المواطنة، مع كل ما شاب تلك التحولات من انتكاسات وتراجع خطير في المنظومة القيمية.
كانت مهمة عسيرة أن نبحث- في ضوء النقد الثقافي- عن القبح في تجربة يفترض أنها جمالية، وولدت في خضم تحول إنساني وقيمي وتطلعات واعدة نحو البناء الحضاري، وتأثيرات بالغة لأطياف الحداثة سواء بمفهومها الفلسفي الغربي بمركزية العقل، أم بمفهومها الثقافي العام في التحديث والمعاصرة ومواكبة النهضة العالمية، وقد خصص هذا الجزء الثاني لما يمكن أن نسميه الممارسة النقدية أو الثقافية التي اقتضت أن نضع من خلالها تجربة رواد الشعر الحر في إطارها الثقافي.