حكايات العمر
تأليف
سعيد سالم
(تأليف)
رأيت الموت والحياة ينصهران معًا في معنى واحد، هو أنه لا فائدة من أي شيء، وأن السعادة الإنسانية مرهونة بالاستغراق في اللحظة الآنية حتى النخاع، دون اعتبار ما مضى أو انتظار ما يجيء به المستقبل.. لكن ماذا عن الكتب؟ هه!! خرج من بينها «دستويفسكي» يعاتبني في رقة وأدب متسائلًا:
- كيف تلقي بي إلى الشارع، وأنا الذي علمتك فن التعامل مع المرأة بألا تكون صادقًا أو صريحًا معها، ولكن منافقًا مادحًا ممالئًا على الدوام؟
شعرت أمامه بالخجل، لكنه اختفى وظهر من بعده «تشيكوف» و»جوجول»، اللذان اكتفيا بتوجيه نظرات لوم نارية إليَّ دون أن يقولا شيئًا!
أخيرًا ظهر محبوبي الأكبر «مكسيم جوركي»، مرددًا عبارته الخالدة في مسرحية «الأعماق السفلى»، والتي سماها المترجم العربي «بالحضيض»:
- أنا لا أريد شيئًا!!!
تثيرني هذه العبارة وتدهشني، وتغرقني في محيط من التأمل والتفكر والدهشة. عشقتها منذ شبابي حين اكتشفتها لأول مرة، وما زلت أسيرًا لسحرها حتى اليوم.
عندئذ اتخذت قرارًا نهائيًّا بألا أتخلص من أي كتاب آخر بالمكتبة. سأترك الكتب كما هي، ولن أعبأ بما سوف يحدث لها أو لأولادي أو لمالي أو لممتلكاتي بعد رحيلي، فأنا الآخر لم أعد أريد أن أريد شيئًا.