التحليل النفسي للإرهاب : بناء سردية المظلومية (الجزء الأول) - هشام حنفي العسلي
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

التحليل النفسي للإرهاب : بناء سردية المظلومية (الجزء الأول)

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

البِدايات صعبة عادةً، وتزداد صعوبة حينما تستثير أسى أو حزنًا دفينًا، أو تنكأ جرحًا ما زال ينزف، أو تجتر أفكارًا مخيفة، أو تنذر بمآل سيئ، وإذا كانت هذه هي البدايات، فكيف تكون الرحلة؟! من دون شك، ليست رحلة شاقة فحسب، لكن السير فيها أشبه بحافٍ يمشي فوق سيف حادِّ النصل، والبوح بمكنون النفس والنجاة في آنٍ واحد أقرب لنزع رقبة من بين نصلَينِ. وهذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، المنذِرة بالهلاك، كانت حاضرة في ذهن كثير ممن اكتوت نفوسهم بمُرِّ الشكوى، وضاقت صدورهم من ألم المعاناة، ويبدو أن هذه الحالة هي التي جعلت صديقي العزيز، رغم فصاحته، يُحجم عن البوح صراحةً بمكنون نفسه، وأوعزت له بالقفز بين الكلمات، وابتسار الجمل، وسوَّلَت لغيره تحسين القبيح وتقبيح الحسن، وأجهدتنا نحن في استشفاف المعنى، واستنتاج العلة. إن العجز عن الاحتمال، ورفضَ الامتثال، دفَعَا كثيرين للفرار بحثًا عن عالم أفضل، يتحررون فيه من قيود غليظة، وتشفى فيه أجسادهم من سوط عذاب، وتسكن نفوسهم، وتهنأ عقولهم بجدل لا ينتهي، يجأرون بما يُرضى ضمائرهم، ويصدحون بما يعِنُّ لهم من أفكار. وحينئذٍ تسمو نفوسهم على كل رذيلة، وترتقي ذواتهم عن الصغائر، وتُشذب هفواتهم دون زلل، وإن كان الوصول إلى هذا العالم يبدو أمرًا بعيد المنال، فإن ثُلَّة قليلة هم من سعوا إليه ودأبوا في سعيهم هذا، وأكثرية حالت بينهم وبين الوصول إليه أو حتى مجرد الاقتراب منه، فها هو خالد بن عبد الله القسري يقتل الجعد بن درهم صبيحة عيد الأضحى بالكوفة، ويخطب في المصلين مفتخرًا بجريمته، يزهو بسلطانه وسطوته، قائلًا: «أيها الناس، ضَحُّوا يقبل الله ضحاياكم؛ فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم؛ إنه زعم أن الله لم يتَّخِذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد علوًّا كبيرًا، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر». وبعد ذلك، قُطِعت أطراف ابن المقفع طرفًا تلو طرف، وغُليت وهو ينظر إليها، وجلاده يقول له: «ليس عليَّ في المُثْلة بك حرجٌ؛ لأنك زنديق قَدْ أفسدت النّاس». وقد أفتى ابن تيمية بعد مقتل الحلاج بأنه «قُتل على الزندقة التي ثَبَتت عليه بإقراره وبغير إقراره... ومن قال: إنه قُتل بغير حق فهو إما منافق ملحد، وإما جاهل ضال... وهكذا، سَيفٌ للسلطان، وآخر لرجل دينه، ورقابنا بين نصلَينِ.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
كن اول من يقيم هذا الكتاب
11 مشاركة
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب التحليل النفسي للإرهاب : بناء سردية المظلومية (الجزء الأول)