الآيات السوداء : قراءة في ذاكرة دولة الشر
تأليف
علاء عبد المنعم
(تأليف)
كان لتاريخ بلاد فارس ماضيًا عريقًا يفتخر به كلُّ مسلم، فقد كانت مركزًا للعلم وموطن المحدثين والفقهاء، وأيضًا الشعراء، فهي موطن الإمام مسلم والحاكم بن عبد الله النيسابوري، والإمام الطبري، والإمام الغزالي، والإمام الفخر الرازي، والشهرستاني، والفارابي، وسيبويه، وغيرهم.
بل كانت مُدُن المشرق خاصة معظمها من المراكز الرئيسية لرُواة الحديث، ولا سيما منطقة خراسان الواسعة التي كانت تشمل: بست، وهرات، نسا، بلخ، بخارى، سمرقند، ومرو، جرجان، نيسابور، سرخس، وشهرستان، وأضف إلى ذلك: الري، وطوس، وغيرها.
كانت هذه المدن دار الآثار، وكان لأهلها اليد الطُّولى في تدوين الحديث وعلومه، بل فاقوا وسبقوا غيرهم في جميع العالم الإسلامي بلا استثناء في القرن المذكور.
ولو استعرضنا المُدوَّناتِ في الحديث وعلومه، لرأينا أن معظم كُتب السُّنَّة يعود الفضل في تأليفها إلى علماء هذه المناطق، فصحيحا البخاري ومسلم -وهما أصح الكتب بعد كتاب الله- والسُّنن الأربع، وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، ومعاجم الطبراني وغير ذلك من الكتب، وآثار أولئك الجهابذة العلماء، وفي هذا دليل واضح على سَعَة ثقافتهم العلمية التي انتشرت وعمَّت تلك البلاد.