حشرات سوداء
تأليف
علي حسن
(تأليف)
لم أستحم منذ أسبوع تقريبًا، فالصقيع قبل أن يضرب كل شبر في البيت الذي أعيش فيه وحيدةً، قد أطاح بزهرة الروح فأصابها بالذبول، وألقى جليده ثوبًا من زغب قطني ليدثر جسدًا يحتاج إلى ألف عام لكي يرتق جروحه ويُرمم صدوعه.
جسدي لا يحتاج إلى استحمام؛ بل يحتاج إلى لملمة بقاياه من فوق الأرائك والسرير البارد، والتقاطِ أشلائه من جوف المزهريات التي تنتشر في زوايا البيت كالأشباح، وتجميعِ شتاته المختبئ تحت سجادٍ باهت الألوان، رغم أن عمره، من عمر الزواج، عامان بالتمام والكمال.
اليوم هو الخميس، الحادي والثلاثون من ديسمبر، ذكرى زواجي من عُمر! قررت صباح هذا اليوم إشعال سخان الماء، وها هو الماء بعد ساعات طويلة يتأجج داخله، وكأن خزان الماء الساخن حد الغليان قد صار بركانًا، يلقي حممًا متوهجةً من خلال فتحة الصنبور الضيقة، وتتحرر فقاعات الهواء من كبت الضيق وملل الانتظار، فتنطلق في اتجاهات مرتبكة داخل حوض الاستحمام، وتتصارع سحابات بيضاء كي تحتل مكانًا شاغرًا على جسدي الأبيض البارد فلا تجد لها وطنًا غير أهدابي وسطح المرآة وحوائط الحمام، فأضغط عليها بسبابتي، وأطلق اسمي حروفًا قيَّدها الصبرُ، وشَكَّلَها اليأس.
عن الطبعة
- نشر سنة 2024
- 167 صفحة
- [ردمك 13] 9789778806397
-
بيت الحكمة
تحميل الكتاب