أماكن مألوفة

نبذة عن الرواية

كان النهار قد انتصف، وبدأت حركة الأمواج تهدأ قليلًا.. حينها أدركت سلمى أنها أمضت ثلاث ساعات متواصلة جالسة في مكانها، تغرق في صمت مطبق. لطالما كان الصمت رفيقها منذ أن جاءت إلى الإسكندرية برفقة عمتها وفاء، بعد وفاة والدها مباشرة، وهي لم تكد تتجاوز العاشرة من عمرها. أربعة وعشرون عامًا انقضت، حاولت خلالها التعافي من صدمة رؤيتها لوالدها ممددًا على أرضية مكتبه في شقتهم بالقاهرة، دون أن تفلح في نسيان المشهد أو تجاوزه. لم تكن وحدها في عزلتها، فحولها تناثر أشخاص آخرون يجلسون بمفردهم، وكأنهم مرايا تعكس وحدتها، بدلًا من أن يخفف وجودهم عنها. وفي المقابل، انتشرت العائلات التي جاءت للاستمتاع بدفء شمس الخريف، كما ملأ المكان بعض العشاق، كل منهم يجلس قرب حبيبه، يهمس له بكلمات دافئة. لمحت حبيبين يتبادلان قبلة خاطفة، فابتسمت بخجل، شاعرة وكأنها انتهكت خصوصيتهما دون قصد، فأشاحت بنظرها بعيدًا، وعادت إلى تأمل البحر بصخبه الخافت.