الأيام الأخيرة في حياة تالاستوي

نبذة عن الكتاب

"وأدرك تمام الإدراك أن من بين المواد الوثائقية المتعلقة بحياة تالاستوي، توجد بالفعل، وستظهر بلا شك في المستقبل، بعض الدلائل التي قد تحرف الحقائق بشكل أو بآخر، بل ولا تخلو من أكاذيب صريحة، ومِن دَواعي سرور أعداء تالاستوي الخُبثاء أن هناك شهادات كاملة قد تراكمت بالفعل بما يصور شخصيته وحياته و«رحيله» ومَوته بطريقة منحرفة تمامًا عن الحقيقة، ومليئة بالافتراءات الدنيئة. في مِثل هذه الظروف، سيكون على كتاب سيرة تالاستوي المستقبليين -كما هي الحال عادة- أن يتخذوا مسارًا وسطًا بين جميع الشهادات المتناقضة التي بحوزتهم، وكذلك على بعض المعاصرين لتالاستوي، المقربين منه شخصيًّا، الذين تمتَّعوا بثقته الكاملة والذين اطَّلعوا مباشرة على الظروف الحقيقية لحياته الشخصية في منزله، أن يفيدوا كل الراغبين في استطلاع الحقيقة من الافتراء، علمًا بأنني أرى أن كاتب السيرة الحق عليه أن يكون خاليًا من جميع التحيزات والميول العائلية، فلا يكون من أحد أقربائه مثلًا، كما أنا نفسي حين قررت كتابة هذه الشهادة، ولا يسعني إلا أن أشعر بأن القدر نفسه يفرض عليَّ واجبًا أخلاقيًّا للقيام بمثل هذا العمل، ليست الحكاية التفصيلية ضرورية فقط من أجل «الدقة التاريخية» لسيرة الرجل العظيم، وإنما لمصلحة الإنسانية التي تقضي بالحفاظ على المثال المذهل لحياة تالاستوي بكل كماله وسلامته، ذلك أن حياته والظروف المأساوية التي هُيِّئت له وطريقة تعامله معها، خير إثبات لا يقبل الجدال على إمكانية تطبيق تعاليمه والحقائق والمبادئ السامية التي لطالما نادى بها."