1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : "بيت المقاطيع"
3️⃣ التصنيف : تاريخي ـ اجتماعي
4️⃣ الكاتب : مصطفى الششتاوي
5️⃣ الصفحات : 261 أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2024 م
7️⃣ الناشر : بيت الياسمين
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐
♦️مقدمة :_
ـ هي القراءة فالزم ، إن تبتغي المغنم ، آفاقٌ تطمح ، وأبواب تفتح ، وطن الغريب ، ومتعة النجيب ، حديقة الجائع مزدانة الثمار ، ومرتع الطامع ومن رام القرار ، في حربها السلام ، في جرحها التئام ، مرآةٌ للكفيف ، وسلاح للضعيف ، من يبتغي النجاة في سرها يجول ، ما أروع الحياة في دربها الوصول.
ـ تخلق لك من العالم عوالم ، تأخذك إلى هناك حيث لا هناك هناك ، سفينة النجاة التى يبحر بها أهل الزمان ، نحو شئ من هدوء أو قليل من أمان ، لا سيما لو كان القبطان ماهر بصنعته ، موهوب بفطرته ، فتارة يصول وتارة يجول ، ويختم الرحلة بخير وصول .
♦️على هامش الرواية:_
ـ آلة الزمن التي ولجتُ إليها فعادت بي إلى الماضي السحيق ، فشممت من أزهارها خير الرحيق ، صمّمها عقلٌ مبدع ، واقع بخيال مقنع ، نقلني إلى أجواء العالم الذي رسمه ، وشاهدت ما به وصمه ، فرأيتُ أرضها وسماءها ، وأبصرتُ أركانها وشخوصها ، ماشيتهم ولازمتهم ، رأيتُ ضعفهم وقوتهم ، وشعرتُ بفرحهم وحزنهم ، وتألمتُ لآلامهم ، وسعدتُ لسعدهم.
ـ تدرّجتُ فيها من الماضي وأسراره ، وظلمته وأنواره ، مرورًا بما تضمره الأيام ، وما تحققه الأوهام ، حتى وصلتُ إلى الحاضر الذي نحياهُ ، فالكل في هذه البسيطة تاهوا ، ولما انتهيتُ فوجئتُ بأنها حكايةٌ ، لها بين القلوب روايةٌ ، عميقة الأثر ، جليلة الخطر ، آفاقها بعيدة ، أفكارها جديدة ، أنوارها زاهية ، أسرارها داهية .
ـ عالمٌ مسلسَل من أوله إلى منتهاه ، كل يصل إلى مسعاه ، فيه الحق وفيه الضد ، في الأبناء وجد الجد ، بذرَةُ الشرِّ التي غُرِسَتْ في أرضٍ طاهرة ، فأنبتت مزيجًا من النور والظلام ، من الحق والباطل ، من الكفر والإيمان ، من القهر والإحسان ، من الجود والجحود ، من الوهن والصمود ، من السعي والركود.
ـ كلُّ شخصيةٍ فيها لها معنى ، وكل كلمة لها مغزى ، ولكل واقعة دلالة ، أضفت إلى النص اكتماله ، صاغها الكاتبُ وأنزلها على الواقع الذي نحياه ، لكنه ربطها بما سمعناه ، وما خفي عنّا فقرأناه ، شجرة تكاثرت فروعها ، وتتوعت ثمارها ، فجمعها بخيطٍ رفيع يربط الحاضر بالماضي ، والقريب بالبعيد ، والضعيف بالشديد ، والسميع بالبصير ، والحرَّ بالأسير.
♦️ ملخص القصة:
في قلب قرية من أعماق الماضي كانت الحاجة "بداري" ، سيدة القوم ، هنالك حيث الأرض عرضٌ ، والشرف حياة ، والموت في سبيلها نجاة ، يُقتل "بكر" وليدها ، على يد المماليك دفاعًا عن تراب أجداده ، ومحاولة في حفظ نسله وأحفاده ، فتشتعل نيران الثأر في قلب أمه "بداري"، فتنتقم بطرد قاتله مذلولًا ، لكنه يعود بجيش جرّار ، فتضرم فيه النار .
ـ تنالها يد التقدير ، بنفس المصير ، وتُباد قريتها ، وتحرق جثتها ، بينما ينجو حفيدها وأمه وجماعة ممن فروا في رحلة هروب ومقاومة ، إلى بلد مجاورة .. تمر الأيام ، يكبر الناجون ، يعودون إلى البداري بقيادة الشيخ "علي" من آواهم وأيدهم بنصره ، ليقع الجميع في غياهب أسره ، تُقسَّم الأرض بين آل بداري وآل علي .
ـ لكن نار الفتنة تؤجج من آل الأخير، فيخمدها "رحيم" بالموت ، ثم يفر إلى الشام بأهله أجميعن ، إلا امرأته كانت من الغابرين ، في الشام، يتزوج "سالم الشامي" من "عالية"، بينما يقع "صالح" في غرام "ثريا الشامية"، ويعودون جميعًا إلى البداري ، حيث يجد "رحيم" مثواه الأخير .. ومن هنا يبدأ صراع الأجيال .
ـ فتسفك الدماء ، وتغتصب النساء ، وييتم الأطفال ، وتتغير الأحوال ، تارة يعود الحق لأهله ، لكن دوائر الشر تستمر ، ومن خلفها الحق يفر ، السنوات تدور، تتشابك المصائر، وتنشأ تحالفات ، وتحاك المؤامرات ، شجرة العائلتين تمتزجان ، فيخرجان مزيجاً من الأهوال ، ثمار طيبة في قلبها عطب ، وأخرى فاسده وداخلها الرطب ، وهذا عجيب بل أعجب العجب .
ـ وهكذا دواليك حتى النهاية ، التي تؤكد ما قامت عليه البداية حيث «لا يوجد مستبدون حيث لا يوجد عبيد» .. فلا مفر من القدر ، ولا ملاذ سوى الصمود ، وعليك دائماً أن تتذكر «إذا كان العالم يفرض عليك الألم، فأحسن اختيار من يؤذيك» .
♦️اللغة والسرد والحوار:_
ـ اللغة : العربية الفصحى القوية ، التى تدل على قلم موهوب ، يطوع العبارات كيفما يشاء ، ليصل بك إلى ما يريد ، تشبيهات تمثيلية ، واستعارات قرآنية ، وفصاحة بيانية ، وبلاغة تصويرية .
ـ السرد : مسلسل من البداية للنهاية ، شديد السرعة ، يطوى الأيام بل الأعوام طيّا ، وينقل الواقع مليا ، بذات الفصاحة والبيان ، بنيت القواعد والأركان .
ـ الحوار : أقل نسبياً من السرد ، هالتني جودته ، ومنتهى دقته ، نقل لغة الزمن ، وتنقل معها ببراعة شديدة ، تصبغ العمل بالواقعية المعبرة عن الحكايات والأشخاص .
♦️الحبكة الروائية:_
ستة قرون من الماضي ، بألوانها وأحوالها ، أفعالها وأقوالها ، أركانها وشخوصها ، صورها بالجديد ، وسورها بالحديد ، أحكمها دقة فأبدع ، وربط خيوطها فأقنع ، وسلسل شجرتها فأمتع ، ونوع فروعها فأشبع ، تراها كأنها يوتوبيا ، فإذا هي ديستوبيا ، ربما سرد للزمن العتيق ، فإذا بالحاضر والرفيق ، ربما خيال خصيب ، أو واقع قريب ، تفوق فيها الكاتب على نفسه ، أجاد في وصفه ورسمه ، حين ضمنها بالأهوال ، ورمزها بالأمثال ، ما يربو عن خمسين شخصية ، يتوه بينهما الكبير ، إلا ذاك القدير .
♦️العرض التشويقي:_
كان العرض التشويقي في هذا العمل من أمتع ما فيه ، فلا يكاد يمر مقطع حتى يشوقنا إلى ما بعده ، بالكاد كنا ننتظر بلهفة لنرى كيف يكون السبيل إلى النجاة ، وهل بعد هذا الشر من شر؟ ليأتينا بما هو أمرّ ، وهكذا دواليك حتى نهاية العمل ، التي جاءت مناسبة تمامًا لكل ما تقدم من مراوغات ومطاردات نفسية بين الكاتب والقارئ.
♦️ الشخصيات:_
ـ وفي تناول الكاتب للشخصيات ، كان الذكاء وكانت الهِبَة الرائقة ، والموهبة الفائقة .. كيف لا ، والعمل يضم ما يربو على خمسين شخصية أو يزيد؟ لا تزل واحدة عن دورها أو تحيد ، كل شخصية منهم تعبر عن كيان كامل ، وفصيل ماثل بين أعيننا ..
ـ لقد أحكم الكاتب رسم كل شخصية ، وأنزلها منزلتها ، وغاص في أعماق الشخصيات الأبرز، والتي علق بعضها في ذهني، مثل: الحاجة بداري، وبكر، ورحيم، وصالح، وعالية، وسنية البيضاء ، وذلك في جانب الخير .. وعلى النقيض، نجد : علي، ودياب، وطايع، وحمزة ، وعايض، وحافظ، ومروة، وأماندا.
♦️ أبرز الملاحظات:_
ـ بعد كل ما قدمنا من فضائل العمل، وجودته، ودقته، هل جاء الأخير خاليًا من كل هفو أو زلل؟ هل جاء بعيدًا عن براثن العلل؟
الحقيقة أنه لا... ثم لا... ثم لا!
ـ ففي العمل اخطاء إملائية ونحوية تربو على السبعين ، وهذا يأخذنا إلى تساؤل جوهري: هل مرت الرواية على التدقيق؟
فإن كان الجواب لا، فهذه طامة تضر ، وإن كان نعم، فالطامة أدهى وأمر!
ـ كذلك، فإن سرعة الأحداث ، وأكل بعض الأزمنة أخلّ بحقها .. لمَ كل هذا الاختصار؟ لقد كانت بحاجة إلى بسط ، وربما إلى جزء آخر.
ـ كذالك، وإن كان ذكر كل هذه الشخصيات موائمًا لتعدد الأزمنة والأجيال ، فإنه كان مصحوبًا بتشتت الأفكار والأحوال.
♦️رأيي الشخصي:
ـ ماذا تفعل الدنيا بأهلها ، تراودهم عن نفسها ، فمنهم يوسف فيدفعها ، ومنهم دونه فيمتعها ، ينجو الأول ويضل الآخير .. فيتساءل وهو حسير ، كيف السبيل إلى الرضا ، ربما الخضوع إلى القضا ، أم في محاولة الصمود ، في دك مانعة السدود ، ما يمنع الدمع المسال من العيون ، إلا رحيلاً من مواجهة الجنون .
♦️ الاقتباسات:_
ـ ❞ الفلاحون يتفننون دومًا في سرد الأهوال. ❝
ـ ❞ وسوسة الأنثى لا تُكتب إثمًا مطلقًا، بل تُقيد حِيطة وحنكة في إدارة شئون العباد، فالنساء أدرى بمصالح الرجال عن أنفسهم ❝
ـ ❞ لم يبق من الجمر إلا الرماد، ساعات غابرة مرت مرور اللئام، ساعات لم تشهدها القرية من قبل، ولربما تشهدها من بعد، فالسواد لا يأتي إلا بقرينه، فقد التهمت النيران كل ما كان أخضر اللون، وسحقت كل ما لاصق اللون، فبات يوم الحصاد رمادًا ❝
ـ ❞ الظلم يا سادة هو ضرب الجبابرة فوق الأعناق، كسر أنفس الضعفاء، الذل والمهانة، السرقة والنهب.. امرأة، كهل، شيبها مقتل نجلها، أقسمت أن لا نوم لها بعد اليوم إلا بمطفأ نيران قلبها، ❝..
ـ ❞ مت ألف مرة ومرة من قبل، وفي هروبكم خلق وحش لا يبالي بالحياة، لا يبالي للموت ذاته، حتى جئتموني وعادت معكم أنفاسي، فعدّلت فكرة قتلك، لتُجرب مذاق لحمك ألف مرة ومرة مثلي. ❝
#أبجد
#بيت_المقاطيع
#مصطفى_الششتاوي
#مراجعات_محمود_توغان
