"اللمة والمؤانسة والقافية والقفشة والنكتة، النحلة والبلي والكرة الشراب والطائرات الورقية، التمشية على الشاطئ، عودة القوارب الصغيرة إلى مرساها في طرف المينا الشرقية، صافرات البواخر، تحلق الزحام حول عربة بائع الفول على ناصية شارع أبو وردة، تقافز الأسماك في الساعة الباكرة من الصباح فوق سطح البحر الحصيرة، (…) أن أترك بَحَري، فذلك هو الموت." - سفينة الجزيري للسكندري محمد جبريل 🇪🇬
رواية-أمثولة بطعم أحلام البسطاء في الخلاص والتخلي عن عالم فاسد رغبة في الوصول إلى جزيرة فاضلة ينتصر فيها الإنسان لقيمه ولإنسانيته. حلم رجل واحد من حي بحري السكندري يلهم آخرين بمشاركته المغامرة وبناء السفينة التي ستحملهم عبر البحر، كسفينة نوح، قبل أن يجتاح الطوفان (أي يحلّ العقاب) بالمدينة الماجنة.
تبدأ الرحلة، وسريعًا تنكشف الطوايا والنوايا واختلاف الدوافع لركوب البحر ما بين من يهرب ومن يرغب في النسيان ومن انضم بدافع الفضول أو الطمع. يدرك الجزيري استحالة استكمال المغامرة في وسط هذا الجمع ممن تشتت قلوبهم، في إسقاط على معاناة كل نبي أو رسول في ظل سطوة غلاظ القلوب. تنتهي الرواية بسؤال مفتوح: هل ينبغي العودة لبحري؟ أي، هل ليس هناك من فردوس لنا إذا لم نصلح من ديارنا وأحوال ذوينا كبداية؟ هل الفردوس مكان أم أنه حالة من الوعي؟
يبدع جبريل في وصف حي بحري وتفرّده وثراء الظرف الإنساني فيه، فنجده عاشقًا مغرمًا بالمكان رافضًا ضلال الإنسان وتجاوزه لكل ما هو نبيل ومقدس. كذلك، يلج الرجل عبر سراديب مظلمة وصولًا لمكنونات الأنفس ومظهرًا عبر التماعات من تيار الوعي استحالة فهم السلوك البشري دون الوقوف على أدق تفاصيل حياة كل شخص.
#Camel_bookreviews